قطاع الإسكان ينتظر الهيئة
[email protected]
إقرار قيام الهيئة العامة للإسكان في السعودية كان خطوة رئيسية لمواجهة الأوضاع الحرجة لنمو الطلب على المساكن، فالمسكن ما زال مشكلة رئيسية للناس وتؤثر في الاستقرار الاجتماعي. وما قدمته الدولة في العقود الماضية لقطاع الإسكان لا شك أنه لعب دورا مهما في التخفيف من حدة المشكلة وتقليص آثارها.. ولكن ما تقدمه الدولة، لن يكون وحده كافيا لمواجهة الاحتياجات المتنامية، فنحن نحتاج على الأقل إلى 200 ألف وحدة سكنية سنويا!
طبعا تمويل مثل هذا العدد من الوحدات إذا استمر الوضع الراهن سيكون مكلفا جدا، فمعدل تكلفة إنشاء الوحدة يقدر بما لا يقل عن 800 ألف ريال.. ونقول مكلف لأن الطابع السائد الآن هو التطوير الفردي للوحدات السكنية، حيث يشكل 94 في المائة بينما التطوير الشامل لا يشكل إلا 6 في المائة، وهذا الوضع هو الذي يستدعي ضرورة الإسراع بتشكيل هيئة الإسكان لتقوم بدورها الضروري.
أوضاع الإسكان تحتاج إلى هيئة مستقلة فاعلة لأننا في حاجة إلى بناء قطاع التمويل العقاري، وبحاجة إلى الرهن العقاري حتى تستفيد من القوة الكبيرة الكامنة في القطاع العقاري، فهذا القطاع يقدر حجم أصوله بـ 2.5 تريليون ريال، وهذه الأصول، نظرا لعوامل عديدة، ليس لها فائدة للاقتصاد الكلي، وقيمتها المضافة محدودة، وهذه الأصول الرهيبة تحتاج إلى هيئة تحرك كل الجهود الوطنية لاستثمارها.
غياب التطوير العقاري الشامل هو الذي جعل أحياءنا السكنية ولعقود طويلة ورشة عمل دائمة وقد تحتاج إلى 30 عاما حتى تكتمل وتظل وفاقدة للخدمات الأساسية ولا توفر مقومات البيئة العمرانية والإنسانية التي تجعل من الحي السكني مجتمعا متفاعلا، فالأحياء السكنية سواء كانت قيمة الأرض 1500 ريال أو 300 ريال للمتر، تكاد تتشابه في الخدمات وطرق الإنارة والرصف والأشجار، هذا الثمن يدفع لنوعية السكان!
هيئة الإسكان ضرورية لأن أوضاع الإسكان أصبحت مشتتة بين عدة جهات، وهذا يعني أننا سنكرر أخطاءنا في تخطيط الأحياء وبناء المساكن، وتراكم الأخطاء يرفع تكلفة حلول المشاكل الآن ومستقبلا، وفوق هذا ستكون ثرواتنا الوطنية وقدراتنا في التمويل غير مستثمرة لحل مشاكلنا الأساسية، مثل الإسكان، وهذه الثروات ربما تهاجر وتسهم في حل مشاكل مجتمعات أخرى بينما نحن محرومون من ثرواتنا.
نتمنى ألا يكون مصير هيئة الإسكان التي أجازها مجلس الوزراء، مثل بعض المشاريع الوطنية الحيوية التي أجازها المجلس ولم تر النور، أو تأخر قيامها، والتأخير في حل مشاكل الإسكان مكلف.. ومكلف جدا.