منتدى الرياض الاقتصادي وتكامل الجهود

ما زالت أصداء منتدى الرياض الاقتصادي في دورته الثالثة التي عقدت خلال الفترة من 22 إلى 24 ذي القعدة 1428هـ, تتردد في أفق الاقتصاد المحلي, وفي أسماع من حضروا اللقاء وتفاعلوا مع ما ورد في ثنايا المحاور التي طرحها, من قوة في الطرح, وشفافية في المناقشة, وصدق في النوايا, ومن ثم فلا أود أن يفوتني وقد كنت واحدا ممن عاشوا أجواء المنتدى تحضيراً وحضوراً, أن ألامس بعض الجوانب التي أرى أنها ما زالت جديرة بالمنافشة ولو على صفحات الصحف!..., خاصة وقد أعقبه فترة عطلة طويلة, لم تخل من أثر سلبي, في مسيرة التنمية الاقتصادية المستدامة التي يطرحها المنتدى, والتي يهدف القطاع الخاص من خلالها إلى إسماع صوته ورؤيته إلى الدولة, ممثلة في الحكومة, التي يطرق أبوابها في تعاملاته اليومية, منطلقاً من إحساسه بأنه شريك في الهم الوطني, يطمح إلى أن يكون شريكاً فاعلا في المسيرة, وفي رسم الأهداف, وفي استنباط الحلول لمختلف القضايا التي يعايشها الاقتصاد الوطني.
ويتلخص ما علق بذهني, من خلال أجواء حوارات المنتدى, وما أود التعليق عليه منها, قبل أن تطوى ملفاته, في عدة وقفات هي:
1- أن الغرفة التجارية الصناعية في الرياض بذلت جهوداً كبيرة مخلصة في التحضير للمنتدى, وانتقاء موضوعاته, ولم تنفرد بذلك, بل استقطبت له كل من يهمها مشاركتهم, من مسؤولين حكوميين, ورجال أعمال, ومتخصصين في الجوانب ذات الصلة بطبيعة المنتدى، كما بذلت جهودا كبيرة في التحضير وإعداد الدراسات والمتابعة، ثم الدعوة لحضور ندواته وجلساته، وهو ما تأكد لدي من خلال مشاركة تطوعية متواضعة في أعمال المنتدى، والعمل مع زملاء يتدفقون حماسا وإخلاصا، من منسوبي الغرفة، والأمانة العامة للمنتدى، الذين نجحوا في بلورة رؤية وطنية مخلصة لكيفية تكامل الجهود بين القطاعين العام والخاص في سبيل تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.
2 – رغم حرص المنظمين على حضور عدد كبير من المسؤولين الحكوميين ممن لهم علاقة مباشرة أو غير مباشرة بأعمال المنتدى، ودعوة البعض منهم إلى المشاركة الفعلية في جلسات المنتدى، ترؤساً ومناقشة وحضورا، وإفساح الصفوف الأمامية في القاعة لهم، ورغم التغطية الإعلامية الواسعة لفعاليات المنتدى، ورغم أن الوقت كان يتسع للمشاركة ولو في الجلسات المسائية، إلا أن الملحظ الدائم كان ضعف الحضور من المعنيين برسالة المنتدى وأهدافه من الجانب الحكومي، رغم طرح موضوعات كانوا سيستفيدون منها في تشخيص المشكلات التي يواجهونها في أعمالهم، وأحسب أن هذه النقطة جديرة بالبحث والاهتمام، للتغلب عليها، في الدورات القادمة! .. وأحسب أيضا أنها آتية من حاجز وهمي قديم كان يفصل بين القطاعين، ولا يزال بعض المسؤولين يحاولون بناءه من جديد، في وقت لم يعد فيه ذلك الفصل ممكنا، في ظل الاندماج الكلي للقوى المحركة للاقتصاد الحديث!
3 – يؤخذ على بعض المسؤولين الحكوميين الذين حضروا المنتدى، أو شاركوا في نقاشاته عدم اعترافهم بوجود المشكلات التي أسفرت عنها نتائج البحوث، وكان البعض منهم يحاول التأكيد على وجود تلك النتائج في خططهم واستراتيجياتهم التي يفكرون فيها، وكأنهم بهذا يوحون للمنتدى بأنه لم يقدم جديداً، وأن كل ما جاء به موجود لديهم، وذلك رغم أن النتائج التي خرج بها المنتدى أتت مدعومة ببحوث ميدانية محايدة لا تقبل التشكيك، ولم يكن للمنتدى ذاته يد في توجيهها!..
4 – تميز اختيار المنتدى للموضوعات التي طرحها في هذه الدورة، وهي تنمية الموارد البشرية، والبيئة العدلية، وتكامل البنية التحتية، وتطوير إدارة الفوائض المالية وأساليب توظيفها، ورفع كفاءة أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية، تميز ذلك بالحرص على انتقاء موضوعات تتسم بالحيوية والإلحاح، والالتصاق بحياة المواطن ومستقبل أبنائه، كما في موضوع الموارد البشرية حين اتجهت نتائج الدراسة والنقاش الذي دار حولها إلى تحميل نظام التعليم مسؤولية الإخفاق الشديد الذي نعانيه في مجال الموارد البشرية، والمتمثل في تزايد معدلات البطالة، وعزوف أصحاب الأعمال عن توظيف المواطنين بحجة عدم تأهيلهم لتلبية متطلبات سوق العمل، الأمر الذي أدى إلى التهافت على الاستقدام من الخارج بشكل محموم، حتى غدت البلاد موئلاً لكل أصناف البشر، غثهم وسمينهم!..
كما اتسمت الموضوعات بالجرأة في الاختيار والشفافية في الطرح، كما في موضوع إدارة الفوائض المالية، الذي يعكس كل ما قدم فيه هم كل مواطن للاطمئنان على مستقبل أبنائه وأحفاده!..، أما موضوع رفع كفاءة أداء الخدمات في الأجهزة الحكومية، فهو انعكاس لما يواجهه المواطن من عناء ومشقة عند مراجعة الإدارات الحكومية المعنية بتأدية الخدمات، وقد كشفت الدراسة المعدة حوله عن أنه لا يزال ثمة مسافة من البعد الزمني تفصل بيننا وبين الوصول إلى ما يسمّى بالحكومة الإلكترونية؟!
5 – أما التوصيات التي قدمها المنتدى في ختام أعماله، فلم تكن تنقصها الشفافية ولا المصارحة، ويكفي الأخذ ببعضها لتحقيق نقلة نوعية في اتجاه التنمية الاقتصادية المستدامة التي نهدف إليها جميعاً!
والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي