من مذكرات موظف (كحيان)
أحد الموظفين في المراتب الدنيا كتب في مذكراته التي لم تنشر ولن تنشر كتب يقول: شن البرد علينا هذه الأيام غارة ناجحة كالعادة.. حيث امتلأت المستشفيات والعيادات بالمصابين وكانت خسائر الآباء فادحة، خصوصا الآباء الذين لديهم عدد من الأطفال ... بينما امتلأت جيوب (تجار البرد) وهم الأطباء وتجار الدفايات والأصواف.. وهذه سنة الحياة، كما يقول المتنبي:
بذا قضت الأيام ما بين أهلها مصائب قوم عند قوم فوائد
وطبيعي أن خسارتي ... كأب نموذجي تتضح بامتلاء ثلاجتنا بالأدوية المتعددة جنبا إلى جنب مع بعض الخضراوات والإندومي المطبوخ.. ومن كثرة الأدوية أصبحت الحاجة ماسة إلى ممرضة أو صيدلي ينظم لنا تلك الأدوية ويشرف على استعمالها حيث إن ربة دارنا – اختلط عليها الحابل بالنابل – كما أصبح شغلي الشاغل هو مراجعة الأطباء والمستشفيات وصرت زبونا دائما للصيدليات وتحولت داري إلى مستشفى صغير يحتوي على المرضى فقط، حيث ينقصه الأطباء والممرضات وغرفة العمليات... فإذا شفي واحد منا مرض الآخر... وشيء طبيعي أن أتدرج مع مراحل الإفلاس فأتدحرج من العيادات الخاصة إلى المستوصفات المجانية... صابرا على الزحام والتفاهم مع أطباء يكررون الدواء نفسه لكل الأمراض وتعطى لكل المراجعين، وليس أمامي إلا الصبر حتى يفرجها الله بالراتب المقبل .. أو الانتقال إذا عثرت على واسطة إلى مستشفى بيروقراطي أسكن في غرفة فيه أنا وأولادي.
وإذا تعذر ذلك فلا بد من الرضوخ إلى رغبة "أم العيال" والاستسلام للأطباء الشعبيين خريجي أكاديمية الرشاد والحلبة والنينخة.. والكينة والفكس والكريمزان.. وإذا عجزوا فلا مفر من اللجوء إلى أطباء الدجل والشعوذة... لهذا وبناء على تجاربنا السابقة في هذا المجال ننصح الذين لم يتزوجوا بعد أن يبحثوا عن طبيبة أو ممرضة شريكة حياة لهم.. أو أن يتعلموا الطب... أو يتركوا الإنجاب حتى يعينهم الله وقد أعذر من أنذر.
وفي الختام نتذكر قوله تعالى: "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا. (صدق الله العظيم).