بنك الإنماء .. وإشعال المنافسة بين البنوك
كما يعلم الإخوة القراء أنه وبعد صدور قرار إنشاء بنك الإنماء في السوق المحلية برأسمال مقداره 15 مليار ريال مقسمة إلى 70 في المائة ستطرح للمواطنين، و30 في المائة مقسمة بين المؤسسة العامة للتقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، بدأت حمى المنافسة بين البنوك السعودية لزيادة رساميلها.
بدأ بنك الراجحي بزيادة رأسماله إلى الضعف، من 6.750 مليار ريال إلى 13.5 مليار ريال سعودي، ثم تبعته خطوة قام بها البنك الأهلي التجاري، حيث زاد رأسماله من تسعة مليارات ريال إلى 15 مليار ريال، ليتساوى في رأسماله مع رأسمال بنك الإنماء.
وبطبيعة الحال لم تقتصر زيادة الرساميل على تلك البنوك، بل أغلب البنوك في السوق المحلية بدأت في خطوات حثيثة لزيادة رساميلها وإن كانت لم تصل إلى مستوى البنوك السابقة نفسها إلا أن بعضها زاد رأسماله إلى الضعف.
لعل آخر ما شهدته سوق المصرفية المحلية، هو الإعلان الذي جاء من بنك الرياض، لزيادة رأسماله, فكما جاء في موقع تداول بتاريخ 30 شعبان 1428 الموافق 12 أيلول (سبتمبر) 2007 "صرح راشد العبد العزيز الراشد رئيس مجلس إدارة بنك الرياض, أن مجلس الإدارة قرر التقدم إلى الجهات الرسمية المعنية بطلب الموافقة على زيادة رأسمال البنك من 6.250 مليار ريال إلى 15 مليار ريال بزيادة قدرها 140 في المائة، من خلال طرح 875 مليون سهم إضافية لمساهميه بقيمة اسمية عشرة ريالات للسهم، وعلاوة إصدار بواقع خمسة ريالات للسهم ليصبح إجمالي عدد الأسهم 1.500 مليون سهم، ما ينتج عنه إجمالي علاوة إصدار بمبلغ 4.375 مليون ريال، ستضاف جميعها إلى الاحتياطي النظامي".
بطبيعة الحال كما يشاهد القارئ أن هذا التسارع الذي تشهده سوق المصرفية المحلية والذي يبرز حجم المنافسة في سوق الصيرفة، أصبح من الملحوظ أنه حصل بعد أن صدرت الموافقة على إنشاء بنوك جديدة في السوق مثل بنك البلاد، ثم تبعته خطوة إنشاء بنك آخر برأسمال أكبر، حيث يصل إلى 15 مليار ريال، وفي الوقت نفسه نجد أن حصة المواطنين في البنك تصل إلى 70 في المائة بشكل مباشر، و30 في المائة بشكل غير مباشر.
كما سبق فإن حجم المنافسة في زيادة رأس المال أصبح ظاهرا لدى المتابعين، ولكن ما ينتظره المواطن اليوم هو حجم المنافسة بين البنوك في الخدمات والعروض، حيث إنه ومع التحسن الكبير والواضح في مستوى الخدمات التي تقدمها البنوك إلا أنه مازالت الشكوى قائمة من كثير من المواطنين على البنوك المحلية. ولعل التقرير الذي صدر أخيرا من هيئة السوق المالية والذي يقوم حجم الزيادة الكبير في الشكاوى المقامة على البنوك شاهد على ذلك، وهذا يستدعي من البنوك المحلية إعادة النظر في الطريقة التي تتعامل بها مع شكاوى عملائها، حيث إنه ومن خلال تجارب كثير من المواطنين نجد أن البنوك المحلية لا تتعاطى بشكل جدي وسريع مع شكاوى عملائها.
من الممكن أيضا أن هذا التنافس سيسهم في أن البنوك في السوق المحلية لا بد أن تسعى بشكل كبير إلى تطوير كثير من المنتجات التي تتوافق مع الشريعة، من العقود التي تعتمد على عقد الاستصناع، عقد السلم، عقد المشاركة، وعقد الإجارة، وغيرها من العقود المتوافقة مع الشريعة التي نجد أن سوق المصرفية المحلية تشهد ضعفا في تقديم مثل هذه المنتجات، وأنها غالبا ما تركز على العقود التي تعتمد على عقد المرابحة، وعقد التورق.
وكما هو معلوم أن العقد الأخير وهو التورق أو ما يسمى التورق المصرفي محل إشكال كبير بين عدد من الفقهاء والمختصين في البنوك الإسلامية، مما يستدعي زيادة التركيز والبحث في العقود والبدائل الأخرى التي تعد أقل إشكالا، إضافة إلى أن عرض أنواع أخرى من العقود التي تتوافق مع الشريعة من شأنه أن يسهم في استقطاب شريحة أكبر من المستفيدين، وهذا بلا شك سيسهم في زيادة عوائد البنوك في السوق، وإيجاد فرص أكبر للمستفيدين من المواطنين.