"التمويل العقاري بأسلوب ميسر"
تمتاز عقود التمويل العقاري بالتعقيد كونها مركبة من منظومة متكاملة ومترتبة على بعضها من القواعد والنظريات والمعادلات والتي بدورها تنتج عددا من العقود الفرعية للوصول إلى العقد الأساس الذي يبرم بين المتعاقدين, وتزيد الصيغ الإسلامية – وهي غالباً المطبق في البنوك السعودية - تعقيدا كونها لا تقبل الكثير من الضمانات التي تأخذ بها الصيغ التقليدية بل تشترط وجود سلع يتم تمويل شرائها, كما لا تجيز تحديد الفائدة عند التأخر عن سداد الدين وأوجدت صيغا تزيد التحوط في ضمان الديون الأمر الذي زاد من تعقيد الصيغة, وأخيرا فهي – أي الصيغ الإسلامية - لا تجيز الصيغ التقليدية في توريق الديون وإنما أوجدت صيغ التوريق الإسلامي "التصكيك", والتي بدورها أيضا زادت من صعوبة المنتج النهائي, وبالطبع فإني حين أصف عقود المصرفية الإسلامية بالصعوبة والتعقيد فلا يعني ذلك التشكيك في جدواها أو التنفير منها, أبدا بل لا خيار إلا هذه الصيغ مع مراعاة ضرورة تجنب الغرر والتدليس على المستفيدين ومراعاة التوازن في أخذ الربح بين المستفيد والممول, والحذر من أن نسعى إلى تصحيح شكل العقد ونغفل عن موضوعه ومضمونه والذي قد يتضمن الظلم للمستفيدين وأكل أموالهم بالباطل وهو ما حصل – مع الأسف – من بعض المؤسسات الإسلامية.
لأن التمويل العقاري من الأدوات الاستثمارية الرائجة والذي لا يمكن أن ينتهي بحال مادام هناك تجارة وتجار, لكونه يوفر السيولة وهي المحرك الرئيس للتجارات, مادام الأمر كذلك فإن كل مشتغل بالتجارة من أصحاب الرساميل الكبيرة والمتوسطة والصغيرة بحاجة إلى التعرف على قواعد التمويل المالية وأدواته وآلياته وصيغه ونحو ذلك من الأمور المرتبطة به.
ومن أهم ما يلزمه التعرف عليه ومعرفته: الجوانب الفقهية والقانونية للتمويل, والصيغ المتوافرة للتمويل في البنوك والشركات العقارية, ودور شركات التمويل العقاري في ذلك, وكيفية إنشاء صناديق الاستثمار العقاري وأحكامها والتي حلت بديلا عن المساهمات العقارية, وبالطبع فلا بد من معرفة مخاطر التمويل العقاري, والتعرف على أحكام الرهن العقاري والذي يعد المحور الأساس في التمويل, ثم أحكام التوريق والتأمين والتقييم العقاري, وبعض التجارب الدولية.
وكأني بالبعض سيقول إن هذا لا يستطيع عليه إلا المختصون, ولا يمكن لغيرهم الإحاطة بكل ذلك, وهو كلام صحيح إلى أن تم التطرق لهذه الجوانب وشرحها بأسلوب ميسر والاستعانة بالجداول والرسومات في تقريب المعلومة, وهو ما قام به الدكتور عبد الله المغلوث الباحث المعروف في الشؤون العقارية في كتابه: "التمويل العقاري", حيث استعرض جميع العناصر المشار إليه بأسلوب سهل وماتع يقدر على استيعابه المختص وغيره, فهو من المراجع الميسرة لفهم منظومة التمويل العقاري, مع التحفظ على بعض ما ذكره الدكتور – والذي لا يؤثر كثيرا -, ومنها ما لا يخفى على فطنة القارئ من مثل إدراج الإعلانات داخل الكتاب واعتبار برنامج المؤسسة العامة للتقاعد من أنواع التمويل الخيري.