أسعار النفط بعد قمة "أوبك" الثالثة؟

[email protected]

تعد القمة الثالثة غدا بعون الله تعالى لقادة ورؤساء حكومات المنظمة للتنسيق حول آليات استثمار الفرص ومواجهة التحديات من خلال تركيز القمة على جانبي التخطيط والتنفيذ معاً.

تستضيف العاصمة السعودية الرياض غداً القمة الثالثة لقادة ورؤساء حكومات الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك". حدثاً من الأهمية بمكان ليس لكونه الثالث في تاريخ المنظمة منذ نشأتها مطلع الستينيات الميلادية من القرن الماضي فحسب، وإنما لكونه يتزامن مع ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة.
يشكل كلا هذين السببين أرضية منطقية لقراءة تاريخ القمتين السابقتين وإعلانيها، "إعلان المبادئ" و"إعلان المبادئ الثاني"، قراءة شمولية في محاولة متواضعة للإسهام في تقريب وجهات النظر حول ما يتوقع أن يصدر من القمة من إعلان، "إعلان المبادئ الثالث"، وانعكاساته على أسعار النفط خلال الفترة المقبلة.
تأسست المنظمة خلال انعقاد أعمال مؤتمر بغداد في أيلول (سبتمبر) 1960 عن طريق خمسة دول نامية منتجة للنفط، إيران، العراق، الكويت، السعودية، وفنزويلا. هدفت هذه الدول إلى تجسيد حقوقها الشرعية في سوق النفط العالمي جنبا إلى جنب مع شركات النفط المتعددة الجنسيات المهيمنة على سوق النفط العالمي إبان تلك الحقبة الزمنية.
حققت المنظمة العديد من الإنجازات خلال تلك الحقبة الزمنية. من أهم هذه الإنجازات تحديد أهدافها، وتأسيس أمانتها العامة، وتواصلها مع شركات النفط العالمية، وزيادة أعضائها إلى عشرة أعضاء بعد انضمام كل من: قطر، إندونيسيا، ليبيا، الإمارات، والجزائر، وتبني "إعلان المبادئ الخاص بالسياسة النفطية في الدول الأعضاء".
وعلى الرغم من جميع هذه الإنجازات إلا أن تأثير المنظمة على سوق النفط العالمي لم يرتق إلى مستوى طموحاتها عطفاً على مجموعة من المؤثرات، والتي من أهمها، عملها في الظل، وتواضع قدرتها في توحيد وجهات نظر أعضائها حول السياسات النفطية.
شهدت السبعينيات الميلادية من القرن الماضي انعقاد القمة الأولى لرؤساء ورؤساء حكومات الدول الأعضاء في المنظمة في الجزائر في آذار (مارس) 1975. عقدت القمة في ظل وجود مجموعة من الفرص والتحديات.
من أهم الفرص بداية تأثير المنظمة تأثيراً رئيساً عوضا عن شركات النفط المتعددة الجنسيات في سوق النفط العالمي. ومن أهم التحديات مواجهة تبعيات الحظر النفطي الذي فرضته الدول العربية عام 1973 وانعكاساته على أسعار النفط.
استطاعت القمة الأولى من تبني "إعلان المبادئ الخاص بالسياسة النفطية في الدول الأعضاء" من خلال إصدارها "إعلان المبادئ". تضمن "إعلان المبادئ" إرشادات جديدة، فيما يتعلق بالسياسات النفطية. من أهم هذه الإرشادات بداية سعي المنظمة إلى تأسيس نظام اقتصادي عالمي جديد يتخذ من العدالة والمساواة أساسا له.
دخل "إعلان المبادئ" حيز التنفيذ مباشرة بعد انعقاد القمة وأمامه مجموعة من الفرص والتحديات أيضاً. من أهم الفرص زيادة أعضاء المنظمة إلى 13 عضواً بعد انضمام كل من: نيجيريا، الإكوادور، والجابون، وما نتج عن هذا الانضمام من زيادة كمية النفط الخام الواقع تحت مظلة المنظمة. ومن أهم التحديات اندلاع الثورة الإيرانية في 1979 وما تبع ذلك من تطورات في إمدادات النفط، وتوتر عملية التنسيق بين الدول الأعضاء.
استمرت المنظمة في العمل ضمن إطار "إعلان المبادئ" خلال الثمانينيات والتسعينيات الميلادية من القرن الماضي. أسهم "إعلان المبادئ" طيلة هذه الفترة الزمنية في رسم الخطوط العريضة لعمل المنظمة في سوق النفط العالمي.
واجهت المنظمة خلال عملها ضمن إطار "إعلان المبادئ" العديد من التحديات و الفرص. من أهم التحديات أزمتي أسعار النفط في 1986 و 1998. و من أهم هذه الفرص زيادة مستوى وعي أعضاء المنظمة بأهمية التنسيق فيما بينها لزيادة درجة استقرار سوق النفط العالمي، و تفادي حدوث أزمة رابعة في أسعار النفط مطلع التسعينيات الميلادية من القرن الماضي.
شهد مطلع هذا العقد انعقاد القمة الثانية لرؤساء ورؤساء حكومات الدول الأعضاء في المنظمة في العاصمة الفنزويلية كاراكاس. عقدت القمة تزامناً مع مجموعة من التطورات ذات الصلة بسوق النفط العالمي.
من أهم هذه التطورات اندماج مجموعة من شركات النفط العالمية الكبرى، وزيادة وتيرة المفاوضات الدولية حول التغير المناخي. أسهمت هذه التطورات في زيادة توقعات المحللين الدوليين بحدوث انخفاض كبير في الطلب على النفط في المستقبل القريب.
أصدرت القمة في ظل هذه التطورات "إعلان المبادئ الثاني". أكد الإعلان التزام المنظمة بـ "إعلان المبادئ الخاص بالسياسة النفطية في الدول الأعضاء" من أجل تحقيق نظام واستقرار دائمين في أسواق النفط العالمية.
استمرت المنظمة في العمل ضمن إطار "إعلان المبادئ الثاني" وحتى اليوم في ضل العديد من التطورات. من أهم هذه التطورات ارتفاع مستوى أسعار النفط هذه الأيام إلى مستويات غير مسبوقة، وتباين وجهات نظر المحللين الدوليين حول ما ستؤول إليه أسعار النفط في المستقبل القريب.
تعد القمة الثالثة غدا بعون الله تعالى لقادة ورؤساء حكومات المنظمة للتنسيق حول آليات استثمار الفرص ومواجهة التحديات من خلال تركيز القمة على جانبي التخطيط والتنفيذ معاً. الجانب الأول، توفير إمدادات النفط بما يضمن التوازن بين مصالح أعضائها وعملائها، ودفع مسيرة التقدم والازدهار العالمي بما يضمن استدامة الإمدادات النفطية، وحماية النظام البيئي العالمي من تبعيات استدامة الإمدادات النفطية. والجانب الثاني، بلورة الجانب الأول و صياغته على صورة إعلان خاضع للتنفيذ من قبل أعضاء المنظمة. انعكاسات "إعلان المبادئ الثالث" على أسعار النفط سؤال قد تتباين إجابته بين المديين القريب والبعيد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي