مجتمعنا.. وغياب التوجيه النفسي المهني!

[email protected]

لفتت نظري نتائج الدراسة التي أعدها برنامج عبد اللطيف جميل لبحث مدى انضباط الموظفين السعوديين في أعمالهم، حيث كشفت تلك الدراسة نتائجها عن أن 70 في المائة من الشركات تعاني من معدل تغيير الموظفين خاصة السعوديين وذلك لعدم استمرارهم في أعمالهم، وقد أرجعت الدراسة تلك الحصيلة السلبية في ميدان العمل إلى عدة أسباب من ضمنها انعدام الصبر في ميدان الوظيفة وقلة الخبرات أو الانتقال من وظيفة إلى وظيفة أخرى وفي الواقع أن من ينظر إلى تلك النسبة المرتفعة من البطالة المقنعة لا شك أنه سيصاب بنوع أو بآخر من الإحباط، بل أعتقد أن ذلك الشعور بالإحباط يفرض أمامنا سؤالا منطقيا مهما وهو (لماذا!!). نعم لماذا يجد أصحاب القطاع الخاص صعوبات نفسية بالغة قبل أي صعوبات مادية في توظيف السعوديين، هل لأنهم يدركون مسبقا مثل تلك النتائج السلبية بخصوص عمل السعودي خاصة في القطاع الخاص مما سيضر في النهاية بمصلحة أصحاب الشركات الخاصة الذين يخشون أن يسجلوا خسائر فادحة من جراء انعدام الجدية في عمل الموظف السعودي الذي ربما يجعل من القطاع الخاص في كثير من الأحيان محطة أولى للعبور إلى الأفضل على مستوى العمل الحكومي أم أن أصحاب القطاع الخاص لديهم أساليب (تطفيش!!) في التعامل مع السعوديين لتوفير المزيد من الدخول المادية التي تذهب كفروقات مالية بين راتب كل من السعودي وغير السعودي، أعتقد أننا لو أردنا فعلا أن نحلل الأسباب الكامنة خلف تلك النسبة العالية والتي تدعمها نظرة المجتمع لبعض الموظفين السعوديين لاحتجنا إلى أن نقف طويلا عند أسباب هائلة تحتاج إلى أن نثبتها بدراسات وأبحاث علمية وميدانية حتى نتعرف على العوامل التي بالفعل تقف سببا حاسما في هذه القضية المهمة ولكن هناك نقطة في كثير من الأحيان تظل غائبة عن الميادين المهنية أو الوظيفية في مجتمعاتنا العربية بشكل خاص وفي مجتمعنا السعودي تحديدا ألا وهي مسألة التوجيه النفسي المهني والتي لا يوجد لها أي حيز داخل مجتمعنا على الرغم من أهميتها البالغة وأثرها الفعال في تحسين مستوى الأداء الوظيفي من خلال التفهم الواقعي لمتطلبات الأفراد وقياس مدى الدافعية لديهم لممارسة مهنة ما على أن يكون ذلك قبل الالتحاق بالمهنة وذلك لمساعدة الأفراد على الاختيار الإيجابي على الأقل وفق الفرص المتاحة فكثير من الشباب لدينا يفتقدون الطموح حتى وإن كانت قد توافرت الفرص لبعضهم من أجل النجاح إلا أن عدم الشعور الحقيقي بقيمة العمل سواء كان على مستوى مهنة معينة أو على مستوى المهن بشكل عام وذلك تزامنا مع غياب تفعيل التوجيه المهني، كل تلك العوامل تجعلنا نتوقع أن يسجل الشباب لدينا معدلات مرتفعة من عدم الاستقرار الوظيفي فالأهداف غائبة ووسائل تحقيقها أيضا مبهمة إذا فنحن في حاجة ماسة إلى توعية كافية تتلمس حياة الشباب وتعالج نقاط ضعفهم في أعمالهم ووظائفهم إضافة إلى تعريفهم بأهمية وقيمة جهودهم الفعلية ولو كان ذلك على المستوى الرمزية أو المعنوي، أعتقد أن الأمر غاية في الأهمية بل إن الأمر يحتاج إلى من ينظر بجدية واهتمام إلى مثل تلك الخطوة التي فيها استثمار فعال لمختلف مواهب الطاقة البشرية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي