الحياة... أنغام... أم ألغام؟
(1)
آه يا بطني.. موال كئيب كنت أردده ليلا ونهارا من ألم لا يكن ولا يحن.. ورغم استشارتي طبيبا في مستشفى حكومي.. وتلك الأيام لا توجد المستشفيات الخاصة – وكان الطبيب آسيويا وصف لي دواء (أشربه).. وهذا الدواء يحتاج إلى زجاجة.. والزجاجة تباع مع "القوارير" الأخرى عند بوابة المستشفى.. أيضا تلك الأيام لا تعرف الصيدليات.. إلا صيدلية المستشفى فقط.. وبعد أن شربت (الداء) - عفوا الدواء.. بدأت بصوت عال أصيح آه.. آه.. ومع الموال بدأت أتلوى - كالذي يرقص في حفلة زار.. عندها أدخلت قسم الطوارئ وتقرر إجراء عملية جراحية فورية.. وازداد خوفي وبدأت أروض نفسي محاولا تبديد (اليأس) من شدة كربتها متذكرا قول الشاعر:
لا ييؤسنك من تفرج كربـة خطب رماك به الزمان الأنكد
كم من عليل قد تعداه الردى ونجا ومات طـبيبه والعـود
ونتيجة خوفي من (الردى) كتبت أنا "العليل" وصية قلت فيها (اليوم هو الثلاثاء وسوف أجري عملية الزائدة هذا المساء وأرجو الله مخلصا أن يأخذ بيدي. والأعمار بيد الله فإن توفاني الله فهذه إرادته فإنني أرجو رحمته ومغفرته لكثرة آثامي وأوصي:
1- أخي له عندي ثلاثون ألفا حقه من قسط الدار العائدة لنا من والدتنا.
2- أبنائي ووالدتهم لهم كل ما عندي وأوصي بهم الله ثم "خالهم".
3- أوصي ابنتي أن تتم جميع مراحل التعليم - حتى الجامعي - وأوصيهم جميعا بتقوى الله والحرص على أنفسهم في هذه الحياة، متمنيا للجميع التوفيق.
والحمد لله نجحت العملية وزال الكرب.. ومرت عشرات السنين ناسيا ذلك القول (كم من عليل قد تعداه الردى.. ونجا ومات طبيبه والعود) وفجأة وأنا بكامل عافيتي عاد ذلك القول إلى ذاكرتي بقوة زلزلت كياني لأن "الردى" الذي – تعداني – قبل سنين أخذ من هو أعز وأغلى من نفسي..
والى اللقاء في الحلقة الثانية.