Author

الآثار الاقتصادية لتداول الأسهم عبر الإنترنت

|
لقد ترتب على التطور التقني الذي يشهده عالمنا المعاصر أن وجدت وسيلة حديثة للتعامل في سوق المال, تتمثل في استخدام الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) في الدخول على موقع سوق المال وإجراء جميع عمليات الشراء والبيع للأسهم من خلالها؛ بحيث إن أي مستثمر يرغب في أن يقوم بأي عملية من عمليات شراء أو بيع الأسهم في السوق المالية يستطيع أن يقوم بإنجاز تلك العملية بسهولة وهو في منزله أو مكتبه أو في أي مكان, وذلك دون أن يكلف نفسه عناء الذهاب إلى البنوك أو إلى قاعات تداول الأسهم. ومن الملاحظ أن ظاهرة بيع وشراء الأسهم قد أضحت هذه الأيام الرياضة الشعبية الأولى التي يفضلها العديد من المتعاملين في سوق المال؛ حيث أصبحت توقعات صعود وهبوط أسعار الأسهم تطغى على ما سواها من الأحاديث في المجالس والدوائر الحكومية، بل وحتى وأنت تنتظر في صالون الحلاقة ستجد إلى جوارك من يتطوع لعرض رأيه في أسهم (شركة ما) وربما يتدخل شخص آخر في الحديث ويدلي بمعلومات معينة, مؤكداً أنه نقلها (عن) قريب له (عن) صديق تربطه علاقة شخصية بأحد العاملين في مكتب مضارب شركة الفلانية وتأتي زيادة الإقبال على الاكتتاب في سوق المال عن طريق الإنترنت في إطار زيادة الإقبال على الاكتتاب في أسهم العديد من الشركات والمجموعات. ولقد تطور التداول عبر الإنترنت في العديد من الدول مثل السعودية والإمارات وكوريا؛ بحيث أصبحت هناك خدمة تقدمها بعض البنوك لعملائها تتمثل في خدمة الرسائل القصيرة عن طريق الجوّال لمتابعة أسعار الأسهم المحلية؛ كما أن هناك خدمة أسعار الأسهم العالمية عبر الجوّال التي يقدمها البنك لعملائه باستخدام أحدث تقنيات المعلومات والتي تتضمن جميع الوظائف التي يقدمها البنك أساسا لخدمة أسعار الأسهم المحلية؛ وبذلك يتمكن عملاء البنك الذين يتداولون في الأسهم العالمية من متابعة أسعار الأسهم في أي وقت وفي أي مكان؛ كما يُمكن للعميل أن يتابع محفظته الاستثمارية, وأن يراقب جميع أوامر تداولاته في الأسهم المحلية لحظة تنفيذها في سوق الأسهم السعودية؛ يل يمكنه للعميل إدارة وتقييم محفظته الاستثمارية حسب تغييرات السوق من خلال هذه الوظائف العديدة والمفيدة التي يستطيع أن يتعرف عليها من موقع البنوك على الإنترنت. فضلا عن أن حجم التداول اليومي يشهد نمواً كبيراً على الصعيد العالمي؛ إذ يتراوح بين تريليوني و2.5 تريليون دولار يوميا مقارنة بنحو 1.5 تريليون دولار لتداولات العقود الآجلة للسلع وتريلون دولار للأسهم؛ ذلك أن الانفتاح العالمي وشفافية المعلومات وانتشارها للجميع عبر الشبكة العالمية للإنترنت بات يشكل تحدياً كبيراًً للمجتمعات, ويخلق الصراع الحقيقي للعديد من الناس في كيفية تحسين الأداء لبلوغ الأهداف بعدما شكلت تكنولوجيا المعلومات قفزة نوعية لمواكبة تطورات الاقتصاد الجديد, وقد تزايد سوق تجارة العملات عبر الإنترنت في المنطقة العربية بصورة ملحوظة, خاصة من قبل المستثمرين الأفراد, ولا سيما بعد أن نجحت دبي من خلال بورصة دبي للمعادن والسلع في تنظيم هذه التجارة، فيُُقدر حجم التداول اليومي في سوق العملات عبر الإنترنت بنحو 1.5 تريليون دولار؛ وتُقدر نسبة النمو الشهري في عدد العملاء في هذا السوق بما يتراوح بين 1 و2 في المائة شهريا؛ كما تقدر تداولات الخليجيين يومياًً في سوق العملات الإلكترونية بنحو عشرة مليارات دولار؛ ما يدلل على تزايد وعي المستثمرين في هذا المجال، ويقوم عدد كبير من الشركات بمساعدة المستثمرين المبتدئين من خلال إدارة استثماراتهم مقابل عمولة أو توجيههم من خلال استشارات فنية. والحقيقة أن الدخول إلى تجارة العملات عبر الإنترنت رغم ما يحمله من مخاطرة كبيرة, إلا أن أرباحه المحتملة تكون أضعاف المخاطرة. وتبدو الأهمية الاقتصادية للتداول عبر الإنترنت في أنه يُعد وسيلة سهلة للمستثمر تُمكنه من شراء وبيع الأسهم بسرعة, والاستجابة لقواعد العرض والطلب في السوق, كما أنها توفر له الوقت والمال؛ حيث يستطيع أن يقوم بالتعامل في أي وقت وفي أي مكان دون أن يكلف نفسه مشقة الانتقال. كما أن لها تأثيرا إيجابيا مباشرا في سوق المال؛ حيث تؤدي إلى زيادة إقبال المستثمرين على شراء الأسهم, نظراً لما تحققه من مزايا عديدة, ما يزيد من الطلب عليها، هذا فضلاً عن تأثيرها الإيجابي في مبيعات الحاسب الآلي؛ حيث يندفع العديد من المواطنين إلى الإقبال على شراء أجهزة الحاسب المحمول أو كما يُعرف بجهاز اللاب توب. ومع ذلك فإن هذا النوع من التداول لا يخلو من المخاطر, أهمها أن المستثمر الجديد قد يندفع بعواطفه دون خبرة نحو شراء أسهم بعض الشركات الخاسرة, ما قد يُعرضه للخسارة؛ ولذا فإنه يجب على المتعاملين في السوق ألا يتعاملوا بالعواطف في إصدار أوامر البيع والشراء, وأن يفكروا بعقلانية قبل الإقدام على اتخاذ القرار، وأن يأخذ كل منهم في اعتباره أي نسبة هبوط أو صعود في سعر السهم ولا يستهين بها, فالنقطة المئوية لها تأثير ضخم, وأن يحدد جيداًَ متى يخرج من السوق؛ ويجب أن يقرأ جيداً المستثمر الإعلانات في مواقع الإنترنت التي يجري التداول من خلالها, ويفحص العقود بدقة شديدة, وألا يندفع وراء "الشركات الوهمية" أو التي حصلت على تراخيص من دول ذات نظام قانوني غير محكم, وأن يركز في قراءته على أمور مهمة هي: الترخيص الممنوح للشركة, وجهة إصداره، وضمان رأس المال, ومدى انفصال حسابات العملاء عن حسابات الشركة, بحيث لو أفلست لا يتضرر العملاء, وضمان سرعة تنفيذ الأوامر, والموقف الضريبي للشركة التي يرغب في شراء أسهمها.
إنشرها