كزبرة وملوخية وفياجرا !

قبل أيام قليلة أصدرت لجنة النظر في المخالفات الطبية في مكة المكرمة ، قراراً بتغريم عامل من جنسية آسيوية مبلغ 100 ألف ريال مع سجنه لمدة ستة أشهر؛ إثر تورطه في عمليات نصب واحتيال نتيجة بيعه أعشاباً علاجية.
وأتمنى أن يكون هذا القرار خطوة أولى في سبيل مكافحة ظاهرة تجارة الأعشاب العلاجية بطريقة مخالفة للأنظمة ودون تراخيص لمزاولة مهنة الطب البديل في مختلف أنحاء المملكة, هذا طبعاً إن افترضنا أن الأعشاب التي نتحدث عنها أعشاب طبية فعلاً وليست مضروبة.
ففي العاصمة الرياض كمثال تنتشر عشرات محال العطارة التي تحظى بإقبال كبير من قبل المرضى فاقدي الأمل واليائسين من الشفاء, ذلك لأنها تقدم لهم عبوات محشوة بأعشاب منقوعة بالأمل في وضح النهار دون رقيب أو حسيب, وأذكر أنني تحدثت في مقال آخر نُشر في هذه المساحة قبل أشهر عن ظاهرة "شيوخ العبوات البلاستيكية", وكيف أن هذه الفئة من تجار الوهم تجاوزت مرحلة الاتجارفي السر, متحولة إلى تسويق أعشابها المجهولة بشكل علني وعبر إعلانات الصحف و إعلانات الطرق دون محاسبة أو حتى استنكار من قبل الجهات المسؤولة, وهي ظاهرة لابد من أن يُنظر لها بجدية, فأرواح الناس ليست مجالاً للعبث من قبل الدجالين والنصابين الذين اكتشفوا طريقة سريعة لجمع الأموال الطائلة من الجهلة واليائسين المستعدين تماماً للتعلق بأي قشة قد تنجيهم من أمراضهم.
ولعل من المضحكات المبكيات ما تكشف أخيراً من كون معظم تلك الأعشاب المضروبة أو "السحرية" في نظر البعض ليست محشوة بـ"الأمل" الذي يبحث عنه اليائسون فقط, وإنما تم خلطها بعقاقير طبية كيماوية تباع في الصيدليات لعلاج بعض الحالات المرضية, فنجد مثلاً عشرات الإعلانات في كل مكان عن خلطة سحرية بوصفها العلاج الطبيعي الوحيد القاهر لمرض ارتفاع ضغط الدم, ليتهافت عليها الكثيرون من المرضى ويكتشفون أنها قادرة فعلاً على خفض ضغطهم, ثم يبدأون بتسويقها بين أقاربهم ومعارفهم استناداً إلى تجاربهم الشخصية, دون أن يعلموا أن تلك الخلطة مكونة من "كزبرة" وعسل وربما "ملوخية" أيضاً مضاف إليها عقاقير طبية مطحونة تباع في الصيدليات لعلاج ارتفاع ضغط الدم!
أما خلطة علاج "الضعف الجنسي" التي يهرع إليها المسنون الملثمون الباحثون عن إكسير الشباب, فليست سوى عبوة عسل رخيص مخلوط بعقار "الفياجرا" الشهير, ولكم أن تتخيلوا مدى الأضرار الصحية التي تترتب على تعاطيهم مثل هذه الخلطة دون وصفة طبية!
إن أمثال هؤلاء يا سادة ياكرام بحاجة إلى من يحميهم من دجل الدجالين, ولايمكن الاعتماد على تحصينهم بالوعي, ذلك لأن أكبر حصون الوعي تسقط أمام اليأس من العلاج, وكما نعلم فإن الطب البديل علم يدرس وترخص مزاولته في كثير من دول العالم تحت رقابة الجهات الصحية المسؤولة بشكل يقطع الطريق على تجار الأمل والوهم, فلماذا لا نسمح به في بلادنا بشكل منظم ومراقب ونقطع الطريق على تجار خلطات الملوخية والفياجرا حماية لأرواح الناس؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي