اعتادت يداي أن تكتبا!

تداولت الصحف العالمية في أوائل نيسان (أبريل) الجاري خبر توقف الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز عن الكتابة، وتكفلت صحيفة "إل تييمبو" الكولومبية بالرد على هذا الادعاء عن الطريق التواصل مع الكاتب نفسه.
مبادرة الصحف التي نشرت الخبر الشائعة مبادرة ذكية نوعاً ما والهدف النهائي منها كان ببساطة إخراج الروائي العالمي عن صمته والبحث عن جديده بطريقة أو بأخرى. والمفاجأة أنّها لم تحصل على أي تفاصيل تدلل على إنتاجه المقبل!
يقول ماركيز في كتابه "عشت لأروي" :" كان كل شيء بمجرد النظر إليه يستثير في نفسي لهفة جامحة إلى الكتابة كيلا أموت " . و"عشت لأروي" سيرة ذاتية رائعة تؤرخ بداياته وعلاقته بأسرته، وكيف تبلورت هواية تدوين الملاحظات والمرئيات والمذكرات اليومية إلى صنعة متميزة تمتع الملايين من القراء حول العالم.
غابو كما يحبّ أصدقاؤه ومعجبوه تسميته يؤمن كثيرا بمقولة ريلكه: " إذا كنت تظن أنك قادر على العيش دون كتابة، فلا تكتب".
لذا كان لزاماً على القراء المتحمسين والصحف التي تناقلت خبر اعتزاله الكتابة التحري جيداً قبل نشر الخبر والبحث في شخصية الكاتب الذي عارض بشدة تفسير غيابه وعزلته عن النشر منذ عام ???? م بأنه توقف، وببساطته المعهودة شبّه أعماله بالفطائر التي يحرص على عدم إخراجها من الفرن قبل استوائها.
ما حصل مع ماركيز جعلني أتساءل عن حقيقة التوقف عن الكتابة، وهل فعلاً يحتاج الكاتب إلى تحديد لحظة يدع فيها قلمه؟
قد يعارضني كثيرون في هذا ومنهم الروائية الإنجليزية مارغريت درابل التي أعلنت في نيسان (أبريل) الجاري إقفالها برنامج محرر النصوص خاصتها والتوقف عن كتابة مزيد من الروايات، وتضيف أنها تقترب من عامها السبعين ولم يعد لديها الكثير لتقوله.
بصيغة أخرى مارغريت تخشى تكرار نفسها!
ولكن أليست الكتابة تجربة تتبلور مع التقدم في العمر؟
أصبحنا في حاجة إلى قراءة أولئك الذين عاصروا أكثر منّا، وشهدت حياتهم أماكن وأزمنة لم نستطع الوصول إليها, وفوق كل ذلك اعتادوا الكتابة حتّى أصبحت فعلاً يومياً كالتنفس والكلام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي