معنى يهودية الدولة وآثارها السياسية والقانونية
أعلن نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل دولة يهودية وطالب الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية الدولة قبل التفاوض معه، وأن يكون موضوع التفاوض هو إقامة سلام اقتصادي للفلسطينيين على أساس أن الأوضاع الاقتصادية السيئة هي المسؤولة عن التفكير في مشروعات سياسية مثل دولة فلسطينية وحقوق فلسطينية سياسية. وتذكر إسرائيل أن الرئيس بوش أعلن عصر الدولة اليهودية في خطابه في الكينسيت في 15 أيار (مايو) 2008 بمناسبة الذكرى الستين لقيام إسرائيل وتمنى يومها أن يحتفل بالذكرى الستين الثانية. من ناحية أخرى يشير الإسرائيليون إلى أن هذا الإعلان ليس فيه جديد ولا يجوز أن يصدم أحداً، فقد ذكر إعلان قيام الدولة عام 1948 أن قرار التقسيم ليس له ميزة سوى أنه أعاد اعتراف العالم باليهود في هذا المكان الذي كانوا فيه منذ آلاف السنين وأن صبرهم في الشتات وعزمهم على العودة هو الذي أرغم العالم على هذا الاعتراف. وتقول إسرائيل إن الفضل الأكبر في ذلك يعود إلى الحركة الصهيونية التي عبرت عن "الروح القومية اليهودية"، فاليهودية ليست مجرد دين ولكنها قومية وأن قوم اليهود لا بد أن يعودوا إلى وطنهم الذي طردوا منه. تقول إسرائيل أيضاً إن قرار التقسيم الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947 نص على الحق في إنشاء دولة عبرية أي يهودية. ومعنى أن إسرائيل أصبحت دولة يهودية يؤدي إلى عدد من النتائج، الأولى: إن عرب 1948 هم بقايا مرحلة انتقالية كانت الدولة فيها ناشئة في بحر من العداء وتريد أن تفرض وجودها فقبلت بهؤلاء الذين يذكرونها دائماً بعدم الاتساق، خاصة أنهم من "العرق المحتل" الفلسطيني الذي "اغتصب" فلسطين لآلاف السنين، كما أنهم بالطبع لم يتمكنوا من الاندماج في الدولة الجديدة وينفصلوا عن ماضيهم، ولذلك وجب ترحيلهم إلى العالم العربي الأرحب الذي قال عنه شامير رئيس وزراء إسرائيل في مؤتمر مدريد عام 1991 أنه يضم 14 مليون كيلومتر مربع وإن العالم العربي وحدة واحدة في أرضه وسكانه وسلاحه وقدراته وإنه كان يهب كله لمحاربة إسرائيل قبل أن تطرب آذانهم لدعاوى السلام التي ظلت إسرائيل تصدح بها عقودا من قبل.
النتيجة الثانية: إنه يتم الفصل بين السكان الفلسطينيين واليهود في كل فلسطين تمهيدا للحصول على كل فلسطين وإزالة اسم فلسطين ليحل محله إسرائيل. ولذلك فإن هذا المخطط سوف يحتك حتماً بالأردن التي جددت إسرائيل حديثها عن أنه الوطن البديل للفلسطينيين عن فلسطين، كما تحتك بمصر في سيناء التي لم تغفل عنها حتى في مخطط قيام الدولة الذي وضعه هرتزل، وفي مذكرات كل السياسيين الإسرائيليين.
النتيجة الثالثة: إن المفاوضات تستمر مع الجانب الفلسطيني للقضاء على المقاومة والتسليم بأن كل المطالب الفلسطينية المعروفة بقضايا الوضع النهائي قد حسمت.
النتيجة الرابعة: إن الاعتراف بيهودية الدولة سيودي إلى إشكاليات أولا مع مصر والأردن اللتين اعترفتا بدولة غير محدودة الحدود وطابعها غير يهودي، وثانيا أن يهودية الدولة تناقض قرار قبول إسرائيل عضوا في الأمم المتحدة، وثالثا أنها تصبح دولة عنصرية لا تتمتع بشروط بقائها في كل المنظمات الدولية. ولكل من هذه الإشكاليات تفصيل آخر.