الاستعداد لمتابعة تطوير الأنظمة للطفرة المقبلة

يتوقع كثير من الاقتصاديين وكبار المسؤولين الدوليين أن الأزمة الاقتصادية الحالية قد وصلت إلى القاع، وأن هناك مؤشرات واضحة للانتعاش الاقتصادي. بدءا من الرئيس الأمريكي أوباما وحكومته إلى بعض الحكومات الأوروبية. ومع أننا لم نسمع بعد بالمشكلة القادمة، وهي مشكلة بطاقات الائتمان الشخصي (كردت كارد)، التي من المتوقع أن تكون ضربة وكارثة أخرى قد تعيق النهوض وتؤخره لسنوات أخرى. ومما لا شك فيه هو أننا نعيش ركودا اقتصاديا عالميا خطيرا وغامضا لا يمكن معرفة تبعياته أو نهايته. وهي فترات سبق أن مررنا بها عدة مرات. وتدور علينا كدوراتها المعهودة كل 30 إلى 50 عاما. ويبدو أن ذلك يرجع إلى سبب تخطيطي، حيث إن جميع الخطط التي توضع عادة لتنمية الاقتصاد توضع كل 30 إلى 50 عاما للوصول إلى أهداف معينة. وبعد الوصول إلى تلك الأهداف وتحقيقها تنتهي تلك الخطط فتؤدي إلى الركود لحين وضع خطة أخرى للسنوات المقبلة على الرغم من تلك الخطط يتم تجديدها كل فترة ولحين انتهاؤها لتعود إلى الركود. إضافة إلى الأسباب الأخرى والتلاعب في الأنظمة، وهذه الأسباب في مجملها سببت الذعر لدى المستهلك ما جعله يزيد الوضع سوءا أو يزيد الطينة بلة، ما سبب فقدان السيولة في السوق.
واليوم ومع ما أظهرته البنوك السعودية من أرباح، وإن كنت أشكك فيها إلا أنها مؤشر على أن الأزمة وعلى الأقل عندنا قد بدأت في الانحسار. وقد لا نتأثر كثيراَ بمشكلة بطاقات الائتمان العالمية، لأننا لا نعتمد عليها ونستعملها كثيراَ مقارنة بالدول الأخرى. وعلى أي حال رب ضارة نافعة, وكما أشرت في مقالات سابقة أن هناك جانبا مضيئا أو إيجابيا لهذا الركود الاقتصادي، وهو أن بعض المواطنين سيستفيدون من انهيار الأسعار للحصول على احتياجاتهم بأسعار في متناول أيديهم. كما أنها فرصة لبعض الدول لشد الحزام والتخطيط لأخذ مقاعد في قطار الاقتصاد العالمي أو كرسي في لعبة الكراسي الدوارة.
ومن الملاحظ لدينا أننا في وقت الطفرة نشد ونسارع في تطوير وتجديد الأنظمة، وعندما تهبط الأسواق نتوقف تماماَ عن تلك المسيرة. وهذه خطأ استراتيجي نمر به دائما وننام عليه. ولا نذكره إلا إذا عاود الاقتصاد إنعاشه. لذلك فإنه من الأجدى أن نشد مرة أخرى على بناء وتجديد تلك الأنظمة، بل نحن متفرغون أكثر لذلك قبل أن تأتي الطفرة القادمة. فهي فرصتنا للانطلاقة العالمية، وأن نستغل هذه الفترة من الركود لبناء لاستكمال الأنظمة المعطلة لدينا لنكون جاهزين للانطلاق عند بروز الطفرة الاقتصادية المالية والعقارية التي ستأتي قريبا بمشيئة الله. وأن يتم التخطيط لتلك الطفرة القادمة على قدم وساق، وألا نتكاسل وننام لحين وصول الطفرة. حيث يتعذر بعض المسؤولين والمواطنين بهذا الركود ويضيعون الوقت في الحسرة والندم على ما فات بدلا من التفكير فيما يجب إعداد العدة له والاستعداد له لنكون جاهزين للطفرة القادمة.
وأن نركز على الاستفادة القصوى من ثرواتنا الطبيعية ومواردنا البشرية. وهما عنصران بدأنا المشوار فيهما خلال الفترة الماضية. سواء ببناء الشركات للثروات وتنميتها أو تنمية الموارد البشرية والتعليم والابتعاث. لذلك فإننا يجب أن نواصل المسيرة وألا نبخل عليهما أو نقصر في البناء. ومن أهم الثروات التي لم نستغلها بالطريقة الصحيحة هي الموارد البشرية النسائية. والتي كان ولا يزال موضوع الاستفادة منها معطلا وهو أمر ضروري للتخلص من العمالة الأجنبية وأذاها وأمراضها التي غزتنا. وأن تدفع الرواتب والمصروفات لبناتنا بدلا من دفعها للأجانب والتدور في بلدنا. وهو أمر يجب أن نقف عنده كثيرا هذه المرة وأن يزول الاعتقاد المتخلف عنها. والخوف أن المرأة عندما تعمل ستجلب العار والفساد، ببينما العار والفساد قد يصدران من الجنسين سواء الرجل أو المرأة, بل إن بعض الرجال أكثر فسادا فهم لا تتم مساءلتهم.
خلال هذا الركود الاقتصادي ستكون هناك فرص استثمارية كبيرة لمن يدرسون الأوضاع ويحاولون اقتناصها. سواء في سوق الأسهم أو العقارات أو الشركات. فجميع تلك الأنشطة وصلت وقد تصل إلى منتهاها خلال الأشهر المقبلة, ومن يفوز بتلك الفرص فإنه سيكون محظوظا. وفرصة لمن فاتته الفرصة السابقة ليصبح ثرياً. وهي ليست بالمهمة السهلة. فالمعطيات المطلوبة لذلك قد لا تكون جاهزة له. فالكثير ليس لديهم السيولة الآن ومعظم المواطنين خسروا أموالهم في أسواق الأسهم، سواء الفقراء أو الأغنياء. وأصبحوا سواسية ومخزونهم صفراً مكعباً. فمن كان يملك المليارات ومن كان لا يملك شيئاً أصبحوا متساوين مادياً. كما أنها فرصة للإبداع وبذل أقصى المجهودات للوصول إلى الغايات. وليس الأمر محصوراً على الأفراد، بل على الشركات والدول. ولنعيد التفكير في مشاريع المدن الاقتصادية الحالية والمقبلة التي بدأناها في فترة الطفرة، وأن نحاول الترشيد فيها وجدولتها بطريقة ولمدة زمنية طويلة تتماشى مع المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية.
فقد نسمع قريباً عن أفول الأسماء والعلامات التجارية المعروفة وأكثرها علامات تجارية مشهورة، التي نجد لوحاتها الإعلانية في جميع أنحاء المدن وفي الصحف والمجلات ووسائل الإعلام. لذلك، فإن مَن يفكر في البدء في تصنيع منتج جديد وبتكلفة أقل وإبداع مبتكر قد نرى اسمه يحل محل تلك اللوحات.
وقد يصل الأمر بعد فترة لظهور أو بروز لغات عالمية أخرى بدلاً من الإنجليزية والإسبانية والفرنسية. فقد تسيطر اللغة الصينية أو اليابانية ومنتجاتها. وهذه الصورة قد تتكرر لظهور سيطرة عملات عالمية جديدة بدلاً من الدولار واليورو.
ومن المنطلق نفسه ستسقط دول ليحل محلها دول أخرى. لذلك فإنها فرصة لبعض الدول للنظر إلى مخزونها، وما تمتلكه من مقومات لتحاول إعادة الحسابات والهيكلة الداخلية للتخطيط لاحتلال مواقع تلك الدول أو المقاعد الخالية في لعبة الكراسي الدولية أو الموسيقية، وأخذ أدوار قيادية أخرى في اللعبة العالمية، وانتهاز الفرصة عن غيرها من الدول التي تترنح حالياً، فالبقاء دائماَ للأفضل بمشيئة الله.
إنها بداية الحرب الدولية، وستكون نوعاً ما مشابهة للحربين العالميتين الماضيتين التي مات فيها الملايين من البشر. وسقطت فيها دول ومسحت عن الأرض، وأصبحت في وضع أسوأ بكثير مما أصابنا اليوم. ولكن تلك الدول التي مسحت خرجت منها أقوى وأفضل وأصبحت من أكبر الدول الاقتصادية والصناعية. ويكفينا مثالاَ اليابان التي دمرتها قنبلة هيروشيما، وألمانيا التي مسحت من الأرض. وكلتا الدولتين وخلال 50 عاماً قلبت الموازين، وسحبت البساط من غيرها، وأصبحت قوى اقتصادية عظمى ولها منتجات غزت جميع الأسواق ونافست غيرها.
ولكن هذه المرة ستتغير طريقة الحرب وطرقها لتصبح حربا معلوماتية وتقنية، وستدخل فيها دول جديدة لم تدخل في الحرب الماضية، وستخرج منها دول لم نسمع بها، لدرجة أننا لن نستطيع أن نعرف مَن سيسيطر أخيرا، ومَن سيمسح به الأرض. وفي كلتا الحالتين ستظهر دول مسحت لتأخذ دور القيادة.
لذلك، فإنه بدلاً من التحسر على ما فات يجب أن نضع الماضي وراءنا، وألا نتحسر عليه، بل نستفيد منه بأخذ العبر، وأن نتحسب للمستقبل، وأن نستفيد من قراءة التاريخ وأسباب أفول تلك الحضارات السابقة حتى لا نكرر الغلطة، ومن ثم التسلح بديننا والرجوع إليه، وأن نشحذ الهمم في الصراع الحضاري الدولي وأن نؤمن بالله، وأنها فرصتنا السانحة للبروز ولأخذ زمام المبادرة والإبداع، والفرصة قد لا تمر إلا مرة واحدة في العمر، الحلقات المفقودة في اقتصادنا كثيرة والتنظيمات غير المكتملة أكثر وهي تشمل:
1 - نظام الرهن العقاري. 2 - اعتماد كود البناء السعودي. 3 - اعتماد نظام التسجيل العيني للعقار. 4 - نظام وقانون لحماية المستثمر العقاري. 5 - إنشاء هيئة لأبحاث ودراسات الإسكان والبحث العلمي المتخصص في الإسكان. وإنشاء بنك للمعلومات العقارية والإسكانية وعلاقتها بالخصائص السكانية والديموجرافية والمعلومات الهندسية. 6- نظام شركات التمويل. 7 - نظام التأجير المنتهي بالتمليك. 8 - وضع مخططات شاملة للمدن ومخططات مكتملة البنية التحتية والأحياء المتكاملة من الخدمات وتخصيص أجزاء منها لتكون بأسعار ميسرة للمواطنين. 9 - تحديث نظام الصندوق العقاري والرفع من قدراته ليشارك مع بعض البنوك المحلية في مضاعفة قيمة القرض الحالي. 10 - إنشاء شركات عقارية مساهمة متخصصة في بناء المساكن. 11 - إيجاد تكتلات عقارية واندماجات بين الشركات المحلية والعائلية. 12 - الاستفادة من دخول الشركات العالمية وفرض عليها تدريب وتعليم الكوادر السعودية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي