"تنظيم بيع الوحدات على الخريطة -1-"
درجت الشركات العقارية على بيع الوحدات العقارية المزمع إنشاؤها على الراغبين في الشراء قبل تنفيذها , وذلك من خلال عرضها على العموم على الخريطة أو المجسم أو المستندات المبينة لطبيعة هذه الوحدات بغرض بيان موقعها وجهتها وفي أي دور ومساحتها ونحو ذلك من المواصفات الفنية المتعلقة بها , وتهدف الشركات من ذلك إلى ضمان تسويق هذه الوحدات, ولرفع ملاءة المشروع من خلال توفير دفعات مالية ترصد للمشروع في بعض مراحله, ومن جهة أخرى تخيير الراغب في الشراء في المواصفات التفصيلية التي يريدها في وحدته بما لا يؤثر في المواصفات الأساسية للمشروع, ومن المعلوم أن أكثر الشركات العقارية تلجأ إلى هذه الطريقة من البيع والتي اصطلح على تسميتها بـ :"البيع على الخريطة".
ومن الناحية الفقهية، فإن العلماء يجيزون البيع بهذه الصفة ولو لم تكن الوحدة موجودة على اعتبار أن من شروط البيع أن يكون المبيع معلوما إما برؤية وإما بوصف بيِّن يرفع الجهالة, والبيع على الخريطة – في الغالب – يتحقق به هذا الشرط حيث يتم وصف الوحدة وصفا دقيقا يرفع الجهالة المانعة لصحة البيع, فهو جائز مع مراعاة الشروط والأركان الأخرى وانتفاء الموانع.
وأما من الناحية القانونية – النظامية – فقد صدر مؤخرا قرار مجلس الوزراء رقم 73 بتاريخ 12/3/1430هـ المنظم لكيفية بيع الوحدات العقارية أيا كان الغرض منها على الخريطة , وأبرز ما ورد في القرار من أحكام : تشكيل لجنة في وزارة التجارة من وزارة الشؤون البلدية والقروية ومؤسسة النقد والهيئة العامة للإسكان – يلاحظ أن وزارة التجارة ليست عضوا في اللجنة مع أنها مقر اللجنة, وتقوم هذه اللجنة بالترخيص لمزاولة التطوير العقاري , وعُهد لها وضع الشروط المتعلقة بالتأهيل الفني والمالي للمطورين العقاريين وشروط الصرف من حساب الضمان , وشروط الإفصاح عن العقارات المبيعة , ومن الأحكام كذلك : اشتراط فتح حساب لكل مشروع يسمى :" حساب الضمان ", ويخصص لاستقبال الدفعات التي يدفعها المشترون أو الممولون , كما جعل القرار للجنة الحق في إيقاف نشاط المخالف بشكل مؤقت والرفع إلى وزير التجارة بالإجراءات المطلوب اتخاذها في حقه وفقا للأنظمة والتعليمات, وفي حال تم اكتشاف أي أعمال احتيالية أو تستر أو مماطلة بالوفاء فيتم إحالة المخالف للتحقيق ثم المحاكمة, وانتهى القرار إلى أنه يعمل بهذه الضوابط إلى حين صدور نظام:"حساب ضمان التطوير العقاري".
وأبدأ من الجملة الأخيرة فإن تنظيم مثل هذه الأحكام بنظام أفضل بكثير من تنظيمها في قرار من مجلس الوزراء من جهتين: الأولى القوة القانونية لهذه الضوابط, الأخرى استيعاب كامل الضوابط والأحكام, وقد يكون للوضع الذي تعيشه الأسواق المالية وبالتحديد العقارية منها ما استدعى سرعة إصدار هذه الضوابط إلى حين صدور النظام, وقد يفيد تطبيقها ورصد الملاحظات عليها في إتقان أحكام النظام .
ولا شك أن صدور هذه الضوابط يفيد في ضبط العمل إلى حد كبير ويمنع من التلاعب في أموال الناس, ويقضي على تعثر المشاريع بسبب ضعف ملاءة المطور لكونه تصرفا في الأموال المرصودة للمشروع من دفعات أو تمويل ,كما أن المنظم قد راعى في وضعه لهذه الأحكام عامل السرعة وألزم اللجنة بإصدار الترخيص خلال عشرة أيام بعد اكتمال الطلبات , كما أعطى مهلة لمن يقوم بالبيع على الخريطة قبل صدور هذا القرار لتصحيح وضعه وفقا لهذه الضوابط, وأن على اللجنة مراعاة كل حالة على حدة, وذلك خلال ستين يوما من تاريخ القرار ويجوز تمديدها لمدة أخرى, وفي ذلك مرونة مطلوبة وتحقيق لمصلحة جميع الأطراف, وفي المقال القادم أشير إلى بعض الملحوظات على هذه الضوابط إن شاء الله.