أهمية قانون الاستقرار المالي في الكويت

الأمل كبير في أن يسهم قانون الاستقرار المالي الذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 13 نيسان (أبريل) الجاري في إعادة الثقة لقطاع الخدمات المالية ومن ثم الاقتصاد الوطني في الكويت. بدورنا نعتقد أن القانون الذي يحمل الرقم 2 لعام 2009 يمكنه المساهمة في الحد من التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية التي انطلقت من الولايات المتحدة في عام 2008. تتميز المبادرة الجديدة، وهي الأخيرة ضمن ثلاث مبادرات منذ ظهور الأزمة المالية، بالتركيز على معالجة مسألة مديونيات المؤسسات والعمل على توفير السيولة بواسطة الضمان الرسمي.
وكانت السلطات المالية في الكويت قد اتخذت خطوتين في عام 2008 تمثلتا بضمان جميع الودائع في البنوك العاملة في الكويت إضافة إلى تأسيس محفظة مالية رسمية للشراء المباشر من البورصة. وجاءت خطوة ضمان الودائع بعد إقرار بنك الخليج، الذي كان يعد ثاني أكبر ممول في قطاع الخدمات المالية في الكويت، بخسارة ضخمة قدرها مليار دولار بسبب بعض أنشطتها الاستثمارية عالية المخاطر وتحديدا المشتقات المالية.

تفاصيل حيوية
ينص قانون الاستقرار المالي على أن تضمن الحكومة 50 في المائة من القروض الجديدة التي تقدمها المصارف للمؤسسات الاستثمارية المحلية في كل من 2009 و2010. تتوقع السلطات أن تبلغ القيمة الكلية للتسهيلات المصرفية أقل من 14 مليار دولار في الفترة المنظورة. إضافة إلى ذلك، ينص القانون على تقديم ضمانات حكومية تمتد حتى 15 سنة ضد أي عجز في المخصصات التي تحددها المصارف لمواجهة الديون السابقة بسبب حدوث تراجع في قيمة الأصول الضامنة.
وحسب محافظ المصرف المركزي الكويتي الشيخ سالم عبد العزيز الصباح، يكمن الهدف من هذه الخطوة تشجيع البنوك على تقديم قروض جديدة للشركات المحلية لغرض مواجهة مشكلة نقص السيولة. ومن شأن القانون توفير السيولة للمؤسسات الاستثمارية المتعثرة وعددها 99 وبالتالي إفساح المجال أمامها للوفاء بالتزاماتها المالية التي تزيد على 13 مليار دولار. ويشمل هذا الرقم 7.6 مليار دولار على شكل ديون لمؤسسات مالية أجنبية. ويحدد القانون إرجاع 25 في المائة كحد أقصى من قيمة الأصول المستحقة للمصارف الأجنبية.

انتقادات ومؤاخذات
هناك من ينتقد القانون لتركيزه على الشركات وترك المواطنين العاديين، حيث يعاني بعضهم من عسر في تسديد مديونياتهم. يعتقد أن نحو 80 في المائة من المواطنين المؤهلين مرتبطين بقروض مصرفية. وذهب بعض المرشحين للانتخابات النيابية المقبلة وصف القانون أنه سيخدم حيتان البحر في إشارة إلى كبار المستثمرين. حقيقة القول، لا يمكن لقانون واحد أن يقدم حلولا لكل التعقيدات المرتبطة بالأزمة المالية. ولكن كما يقال ما يدرك كله لا يترك جله. وعموما سيحصل البرلمان الجديد والذي سيتم انتخاب أعضائه بتاريخ 16 أيار (مايو) المقبل على فرصة إقرار أو تعليق قانون الاستقرار المالي.
عموما يتوقع أن السلطات تكون صارمة في التطبيق لأن المطلوب من المؤسسات الراغبة في الاستفادة من القانون اتخاذ خطوات تشمل إعادة هيكلة بما في ذلك رفع رأس المال إذا كان ضروريا. ويتطلب الأمر تقديم دراسة صادرة من جهة استشارية متخصصة تبين الوضع المالي الفعلي للشركات. كما أن التمويل الجديد عبارة عن تسهيلات مصرفية مالية تجارية ووفق شروط التمويل. بمعنى آخر، فقط الشركات المالية التي تتمتع بملاءة مالية معتبرة ولديها القدرة على مواصلة النشاط لكنها تعاني من مشكلة السيولة ستستفيد من القانون.
وكقيمة مضافة للقانون، سيقوم الصندوق السيادي للدولة أو الهيئة العامة للاستثمار بشراء حصص في الشركات المستوفية لشروط إعادة الهيكلة في حال لم يقم المساهمون في الاكتتاب بصورة كاملة في عمليات زيادة رأس المال. تبلغ القيمة المالية للصندوق السيادي للكويت نحو 250 مليار دولار.

تقليص سعر الخصم
وفي خطوة أخرى لحفز البنوك لتقديم تسهيلات مصرفية للعملاء قرر البنك المركزي الكويتي في يوم دخول خطة الاستقرار المالي نفسه حيز التنفيذ بخفض سعر الخصم المقدم للبنوك بواقع 25 نقطة إلى 3.5 في المائة. يعد سعر الخصم محوريا لتحديد الحدود القصوى لأسعار الفائدة المحلية بالدينار الكويتي وعليه تكلفة التمويل. تتميز الكويت بين دول مجلس التعاون الخليجي بعدم ربط عملتها الوطنية بالدولار الأمريكي وبالتالي لا تستورد معدلات الفائدة السائدة في السوق الأمريكية.
نرى صواب قانون الاستقرار المالي بالنظر للنتائج المرجوة وخصوصا العمل على إعادة الثقة في التعاملات المصرفية والتجارية مقابل تكلفة غير عالية. تبلغ تكلفة المشروع 5.2 مليار دولار أي أقل من 10 في المائة من حجم إيرادات الخزانة العامة ونحو 5 في المائة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي.
ختاما: الكويت باتخاذها خطوات غير عادية لمعالجة التحديات التي تهدد قطاع الخدمات المالية. على سبيل المثال، وافقت الحكومة على تحمل تبعات مديونيات صعبة بقيمة 20 مليار دولار على أثر انهيار البورصة فيما يعرف بأزمة سوق المناخ في عام 1982. كما قررت السلطات الرسمية في عام 1991 شطب كل القروض الاستهلاكية للمواطنين في أعقاب غزو العراق للكويت.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي