الغبار .. هل نستعد لسنوات عجاف؟!

استمرار الغبار بهذه الكثافة ولعدة أشهر على الجزيرة العربية لا بد أن يطرح سؤالا مهما: هل نحن مستعدون على عدة جبهات للتعامل مع هذا الواقع الجديد وما يحمله من مخاطر صحية وبيئية واقتصادية؟
المؤشرات العلمية ترى أن هذه الظاهرة سوف تستمر لسنوات قادمة بسبب تآكل طبقة الأرض نتيجة إزالة الحبات الصخرية الصغيرة "الحصى" التي كانت بمثابة عامل تماسك واستقرار للتربة, ومن العلماء الذين يرون هذه المؤشرات الدكتور فاروق الباز.
الدكتور الباز يعيد هذا التآكل إلى العمليات العسكرية الطويلة التي حدثت في وسط العراق وجنوبه, فحركة الآليات العسكرية الثقيلة أدت إلى تدهور سطح الصحراء, وهذا أدى إلى استثارة الأتربة الدقيقة وتولِّد العواصف الترابية العاتية, كما شهدنا في الشهرين الماضيين, وهي مشكلة لنا لأن الرياح تهب من الشمال إلى الجنوب معظم السنة.
الكويت وهي الأقرب للعراق ازدادت فيها مشكلة الغبار، والمختصون يرجحون أن يزداد عدد أيام الغبار ليتجاوز ربع السنة، والعيادات الصحية تستقبل ما يقارب ألفي شخص يوميا يعانون مضاعفات صحية في الجهاز التنفسي وتكلفة علاج الشخص الواحد تصل إلى 15 دينارا (بحدود 180 ريالا).
ربما تكون هناك عوامل أخرى يراها المهتمون بالجيولوجيا والأحوال الجوية, ولكن ما يهمنا مستقبلا هو دراسة هذه الظاهرة علميا وتحري مسبباتها الطبيعية استعدادا للتعامل معها, والدكتور الباز طرح حلا يتمثل في نشر أو إعادة بناء ما يسميها طبقة الصلبوخ, أي الحصى أو الزلط على سطح الأرض المدمر لإعادة تماسكه.
ربما تكون هناك حلول أخرى عملية واقتصادية, وهذا ما نتمنى أن ينظر إليه المختصون في مركز الأمير سلطان لأبحاث المياه والصحراء, وكذلك مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وشركة أرامكو, فالظاهرة تستحق أن تلتقي هذه الجهات العلمية بخبراتها وإمكاناتها الكبيرة لدراستها.
كميات الغبار التي نتلقاها كل يوم أصبحت بآلاف الأطنان, والخطورة أنها داخل المدن أصبحت مصحوبة بالعوالق من رصاص وغيره, وهذه الملوثات تستقر في أجسادنا ولا نستغرب إذا ارتفعت سرطانات الرئة, والعياذ بالله.
نحتاج إلى (فريق علمي) من الجهات التي ذكرناها أو من جهات أخرى يتم تكليفه ليرى هذا الوضع (أي ظاهرة الغبار المستدامة) من جوانبه الوقائية والصحية والاقتصادية, بحيث يقترح الحلول وإجراءات الطوارئ والوقاية, نريد (خطة وطنية) للتعامل مع الغبار.. فهل يأمر ولي الأمر بقيام هذا الفريق؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي