هل لديك هذا الهلع؟

هل يمكنك أن تقرأ الجمل التالية ثم تحاول بعدها استكشاف مدى تطابقها مع حالتك النفسية؟
- يمكنني أن أذهب إلى أبعد مسافة لأتجنب المواجهة.
- أخاف بسهولة عندما يظهر شخص ما غضبه أو عداءه.
- أعتقد أنه من ضمن مسؤولياتي تهدئة من حولي إذا كانوا في حالة غضب أو غيظ.
- إنني مستعد للاعتذار لشخص آخر فقط لإنهاء الشجار دون أن أتأكد أنني الشخص المذنب.
- لا يسعني غالبا التعارض مع رأي من أمامي خوفا من احتمال تفجر صراعات جراء ذلك.
- من الأفضل أن أبتسم وأخفي مشاعري الغاضبة بدلا من التعبير عنها والمخاطرة في دخول مشاجرة ما.
والآن.. إذا كنت قد أجبت بنعم عن معظم تلك الأسئلة فأنت مصاب بما يسمى الهلع العاطفي المزمن بسبب الخوف الشديد من مواجهة الغضب والصراعات، لكنك لا بد أن تعلم أن كبت مشاعرك وتجنبك الدائم أي مواجهات قد يؤثران في جودة علاقاتك مع الآخرين، وكذلك في صحتك الجسدية والعاطفية، ولهذا فأنت في حاجة إلى تعلم طرق صحية وفاعلة للتعامل مع الصراعات بشكل بناء وفاعل، لأن المكاسب قصيرة المدى التي نحققها عن طريق إرضاء الآخرين تجنبا لمواجهتهم تقل وزنا وأهمية عن الخسارة التي ستحدث لك بسبب عدم تعلم الانتقاد الإيجابي وامتلاك مهارات مواجهة الصراعات التي ستجعل علاقاتك أسعد وأصح ونفسيتك أقل توترا وأكثر هدوءا.
ففي حين تعتقد أنك تحافظ على علاقات سليمة، فربما تفاجأ بأن أسلوبك الوقائي لإرضاء الآخرين يمكن رؤيته على أنه مسيطر وبشكل غير مباشر على من يتلقونه، فإصرارك على أن تجنب المواجهات يمكن أن يفهم من قبلهم على أنه طريقة سلبية تهدف إلى إبقائك بمعزل عنهم على مسافة نفسية آمنة، وقد تحول ذلك مخاوفك إلى تنبؤات تحقق ذاتها.
إن الأمر يشبه ذلك الشخص الذي لم يتعلم السباحة قط لخوفه الشديد من الماء، ويتجنب أي موقف يحتمل أن يكون قريبا فيه من الماء أو في داخله، ولو حدث فجأة وسقط هذا الرجل الذي يشعر بالهلع المرضي من الماء في بركة سباحة عميقة فسيحدث داخله رعب مميت وقلق وحشي قد يتسسب في حدوث الغرق، ولكن إذا نزل هذا الشخص إلى بحيرة ضحلة بصحبة عامل إنقاذ ماهر فسيتعلم مهارات السباحة والإنقاذ من الغرق، ومع تكرار فرص النزول إلى الماء تحت ظروف مضمونة سيختفي الخوف تماما.

يجب أن تتعرض للتجارب التي تخافها لكي تزيل القلق الذي تشعر به، وإن إرضاء الناس كسياسة للتجنب يعد فاعلا على المدى القصير لكنه يزيد الأمر سوءا بعد فترة، لأن المشاعر التي نخاف منها تبدو أكثر تهديدا وإنذارا بالتوتر عندما نواصل إخفاءها خلف ستائر إرضاء الآخرين، وعندما نتجرأ ونقوم بجر ستائر الخوف سنجد وراءها قزما صغيرا يشبه ذلك الموجود في القصة التي قرأتها صغيرة باسم "عرافو الساحر"، التي ظلت معظم الشخصيات طوال القصة خائفة منه كساحر عظيم قوي، وعندما اجتمعوا في النهاية وقاموا بجر الستائر فوجئوا بكائن صغير هزيل يبعث في الأجواء جوا مرعبا عن طريق تضليلهم بالدخان والضوضاء الكثيرة.
إن المهتمين بإرضاء الآخرين مهيأون لحمل اللوم على عواتقهم عندما تحدث أي مشكلة, وربما اعتقدوا أن الحل هو في تجنب المواجهات والحوارات الجادة، لكنه من المهم أن تعلم أنه ليس ضمن مسؤولياتك أن تسيطر على غضب الآخرين بينما يمكن أن تساعد كلماتك وأسلوبك على تصاعد غضب اللقاء أو تحويل المواجهة إلى حوار هادئ إيجابي.
استشارية برامج تمكين المرأة

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي