الإرهاب لا يغنم سوى دحر نفسه
أعلنت وزارة الداخلية السعودية أمس الأول إلقاء القبض على خلية إرهابية من 11 عضواً، كانوا يخططون لخطف واغتيال شخصيات أمنية والقيام بتنفيذ أعمال إرهابية في الداخل بما فيها السطو من أجل تموين عملياتهم الإجرامية، وأنهم في هذه المرة اتخذوا من الحدود الجنوبية للسعودية ممولا لهم حيث اختبأوا في عمارة ملأوها مؤناً وذخائر وأسلحة، فضلاً عما دفنوه من عتاد في أماكن أخرى تم كشفها.
المواطن السعودي حين يصله مثل هذا الإنجاز الأمني، وهو المؤمن بقدرات جهاز الأمن السعودي وجهودهم وبريادة الرجل الفذ الذي يترأس مهمة الأمن ويشرف عليها ويوجّه إلى كل ما يضمن لها أسباب النجاح والاستمرار فيه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية .. هذا المواطن السعودي حين يسمع ويرى هذا الإنجاز لا تتعمق فيه الثقة بحراسة مميزة فحسب وإنما مع الثقة فخر وإعجاب وتقدير تتجاوزه كمواطن يعيشها ويحس بها وينعم بظلالها إلى بلدان عالمية متقدمة مدججة بالتقنية والخبرات العلمية باتت لا تخفي إشادتها ولا تثمينها للإنجازات الأمنية المتلاحقة التي تحققها أجهزة الأمن السعودي منذ ما قبل وبعد الحادي عشر من أيلول (سبتمبر).
إن كشف خلية إثر خلية على نحو متواصل يسجل يقظة على مدار نبض الثواني والدقائق في زمن متصل، ليس بالأيام والشهور وإنما بالسنوات، وذاك جهد ضخم صعب ثقيل معقد، لكن عواتق رجال الأمن السعودي لم تشتك قط عبء حمله وإنما نذرت نفسها بشرف، لشرف خدمة وطن كريم هو قبلة الدنيا ومهوى أفئدتها.
وإذا كان خبر القبض على الفئات الضالة واكتشاف مكامن الرعب والموت من ذخائر وأسلحة أو مخططات تستهدف إفلات سعار الشياطين والأبالسة لتدمر وتحرق وتسفح وتفجع وتنهب وتسطو وتخيف .. إذا كان الخبر يستحضر في الأذهان الأهوال فيما لو لم يتم إلقاء القبض على هذه الخلية أو تلك، فما أفدحه من إحساس فظيع في نفوس ومشاعر رجال الأمن الساهرين ليل نهار يترصدون بدأب تحركات هذه الفئات الإجرامية على الأرض، في الجو، في البحر وفي العوالم الافتراضية عبر أجهزة تقنية المعلومات بكل أسرارها .. إنه إحساس لا يضع حياة رجل الأمن على كف عفريت دموي لحظة بلحظة، لكنه يضيف إلى فداحة تحمله لهذا الدور وهذه المهمة خوفاً يتخطاه كناذر نفسه للفداء لكيلا يصاب الوطن أو المواطن بسوء، فالحرب مع الإرهاب ليست كمعارك القتال على الجبهات وإنما هي أغشم حرب وأكثرها خطرا لأنها تجابه متوحشين مخمورين باللعنة والحقد على كل ما هو خير وإنساني كارهين للحياة، يطردون أنفسهم منها شر طردة ويريدون، في الوقت ذاته، أن يملوا هلوستهم الضالة الشاذة على مجتمعهم، تماماً كفرد طار صوابه فراح يعمل السيف في رقاب بيته أو يحرق الدار عليه ومَن فيها .. ورجل الأمن، وإن احترس لنفسه بنفسه، أو نذرها، فما نصب عينيه، أولاً وأخيرا، أن ينجو أهل الدار وتسلم الدار من الهلاك أيضا.
محنة الأمن مع الإرهاب أنهما ليسا وجهاً لوجه، فالأمن مع الإرهاب يطارد أشباحاً، ظلالاً، أجساداً حربائية، لا مكان ولا زمان لها، لا جهة ولا مصدر لها .. تأتي بكل شكل ولون من كل مكان وتستهدف كل اتجاه أما غايتها فالدم والرعب، لذلك تتماس مهام رجال الأمن مع حافة المستحيل فخصومهم لا وازع لهم ولا يستثنون من إجرامهم أحدا أو مكاناً .. لذا فحين تعلن وزارة الداخلية السعودية عن إلقاء القبض على زمرة إرهابية، فذاك بمثابة مقارعة المستحيل والفوز عليه، خصوصاً أن هذه الإنجازات الأمنية تحدث في بلد مساحته شاسعة جداً أشبه بقارة فريدة حدودها مفتوحة على كل الجهات الأصلية والفرعية ومع ذلك، ورغم ذلك، لم يفلح الإرهاب بكل كثافة استهدافه للسعودية من أن يغنم سوى دحر نفسه باستمرار .. ما يجعلنا مدانين أبداً بتحية، إكبار وإجلال، لكل رجال الأمن في بلادنا، وفي الصدارة سمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز.