معرض الرياض الدولي للكتاب.. تظاهرة ثقافية
(لا شك أن الحرية المسؤولة مهمة, فلا بد للكتاب والمثقفين والمفكرين أن يعبروا عن آرائهم، ويجب مع إعطاء الحرية المسؤولة ألا تكون هناك عدم ثقة أو شبهة في الآخر, لأننا تربينا في بلد واحد وتشربنا قيما مشتركة واحدة ليس هناك شك في أحد، ويجب أن نترك لمن لهم العلم والبصيرة الحرية والأمان، وأن يعبر العالم والمثقف عن أفكاره بحرية, وهناك منطلقات ثابتة يجب أن ننطلق منها في كل حياتنا، ويجب أن نستمع إلى الرأي الآخر، وأن نمد جسور التواصل بين القيادات والعلماء والمفكرين والمثقفين والمجتمع). هذه عبارات وزير الإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة التي ختمت بها مقالتي السابقة، ولكن ما نجده على أرض الواقع ومنذ أعوام أن هذه الحرية لا تنضبط بالثوابت بل هي لدى بعض من ينشر لهم في جميع الصحف تتناقض معها إن لم تستهزئ بها وتحت شعارات متعددة منها (الاستهزاء بالخصوصية) أو (لسنا المجتمع المثالي الذي لابد أن يطبق هذه الضوابط) ولا يقولون إنها ضوابط شرعية بل يدعون أنها (اجتماعية ومن العادات والتقاليد والأعراف)!! كي تسهل عملية الانتقاد عندما يكون الحديث عن قضايا متعددة سواء ما يتعلق منها بملفات المرأة التي أصبحت القضية التي يناقشها الجميع ومنهم من هو واقعي ويهدف إلى إيجاد حلول جذرية، ومنهم من هو متطفل عليها وحلوله لا تلامس الواقع المسلم الذي لابد من تجذيره في قضايا المرأة أو بالأحرى في قضايا الإنسان عامة والحياة بكل جزئياتها.
أو بملف الهجوم على بعض الصحابة، رضوان الله عليهم, أو بعض علماء الأمة الإسلامية قديما وحديثا ووصفهم بأسوأ الصفات!! والاستهزاء بهم ولا نجد هذا الاستهزاء أو السخرية إذا كان الخطأ الحقيقي من أحد الليبراليين أو الملحدين من الكتاب والمثقفين العرب!! بل بالعكس نجد ترحيبا عند البعض الذي ربما لم يقرأ لهم بشكل كاف حتى يدرك خطورة ما قد يحمله هذا الفكر.
بل نجد أن التهم جاهزة أن من يخالف هذه التوجهات اللبرالية التي بدأت تكتسح بعض الواجهات الإعلامية وتنادي بشعارات انتهت من منبعها الأوروبي أنه متخلف أو متشدد, ونجد أن هناك محاولات وإصرارا غريبا على بث هذه التوجهات في بعض الفعاليات الثقافية والبرامج الإعلامية في مجتمعنا المسلم, في هذه الأرض التي هي أرض الحرمين الشريفين، ومنع الرسالة المحمدية التي حملت للعالم شعلة (التنوير الحقيقي القرآني).
إن معرض الكتاب الدولي الآن لا بد أن يكون الصورة الحضارية للمجتمع, والمنبر الثقافي الحقيقي للرأي العام دون اتهامات متبادلة بين أي فريق وآخر، وأن نتوخى الابتعاد عن الفعاليات التي لا فائدة منها وغيابها لن يؤثر في تحقيق أهدافه لخدمة المجتمع كتوقيع المؤلفات على الكتب إلا إذا كانت هناك آلية واضحة للجميع, حتى لا يتكرر ما حدث هذا العام. وكي يتحول إلى إضاءة ثقافية حقيقية لا ترهق الجمهور الذي سيحضر هذا المعرض. وأن يكون هناك توجيه للدور التي ستشارك منذ البداية بالضوابط الشرعية على المؤلفات والروايات التي لا تمثل سوى التفاهات والإلحاد والخروج عن النسق الديني والقيمي لأي مجتمع مسلم. فحرية الكلمة مقيدة بهذه الضوابط.
وبدلا من أن يتكرر في كل عام هذا الجدل وتبادل الاتهامات, والتنابز بالألقاب بين أطراف وشرائح اجتماعية وثقافية, وتكتظ مواقع الإنترنت ـ إن تعذر النشر في الصحف ـ بكم من المقالات لو كانت للتوحد بدل الفرقة الثقافية لكانت أفضل ألف مرة.
الأخطاء التي حدثت وتحدث عنها البعض ممن حضر الفعاليات, والتي قد تحدث لابد من تصحيحها وعدم تغييبها, والتناصح مطلوب ولابد من إيجاد آلية لتوسيع المشاركة في الإعداد للمعرض من مختلف المفكرين والمثقفين, وأيضا الإسهام في اقتراح أسماء من ستتم استضافتهم في الأمسيات الثقافية المصاحبة حتى يتحقق الهدف الثقافي لنشر المعرفة, ولماذا لا يتم استضافة هؤلاء المفكرين المنضبطين شرعيا وفكريا الذين ستوجه لهم الدعوة للمحاضرات العامة في عدد من الجامعات في المدن المختلفة لتتم الاستفادة للبقية الذين لم يتمكنوا من حضور الفعاليات التي تقام في الرياض.
إننا هنا أناس شرفنا الله أن نكون من قاطني هذه الأرض التي شهدت مولد الرسالات, وهذه البلاد لها رسالة في العالم ورسالتها أنها (قبلة المسلمين وتحمل شعار عقيدة التوحيد) والجميع في العالم المسلم ينظر إلينا على أننا حاملو الرسالة, رسالة التوحيد الذي نخاطب به أنفسنا ونخاطب به العالم, أما تقليد النموذج الغربي إذا كان في التقنية والعلم والمعرفة العلمية فهو مطلوب، ولكن لا أن ننسلخ عن ثوابتنا كي نثبت للبعض أننا متحضرون ثقافيا بهذه الأساليب وبعض الأفكار البعيدة عن القيم وعن المنظومة الدينية.