يا عبد العزيز أطلق المحابس

في المؤتمر الصحافي لجمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي الذي تحدث خلاله الأمير عبد العزيز بن سلمان المشرف على الجمعية بمناسبة اليوم العالمي لمرضى الفشل الكلوي وكان يقف أمامه أطفال وشباب وشيوخ من الكبار في السن وجميعهم يعانون الفشل الكلوي ويضطرون إلى غسل الكلى ثلاث مرات في كل أسبوع. اختصر الأمير عبد العزيز المسافات ما بين الحضور وبين المرضى عندما جسد العذاب اليومي لهؤلاء المرضى الذين كتب عليهم أن يكونوا حبيسي أجهزة الغسيل وحجرات المستشفيات وبياض الأسرة. وقد حرصت أن أغوص في اللحظة العاطفية التي شكلها الأمير عبد العزيز في قاعة اللقاء وركزت كثيراً وطويلاً على عيني الأمير عبد العزيز وهو يلاطف الأطفال المعوقين جسدياً ومن لديهم فشل كلوي وهم في عمر الزهور، دفعني ذلك إلى مراقبة عينيه بحذر وإمعان ودموعه التي فاضت في دواخله وحاول جاهداً إبعاد سيل الدمع وإخفاء ما جاء من (المحاجر) بابتسامات ومداعبة الحاضرين وإطلاق اللذعات لعله يفلت من الأجواء العاطفية وهو يقف إلى جوار أطفال الفشل الكلوي.
لماذا تماسك الأمير ولماذا تماسك مساعد الوزير ولماذا تماسك الإنسان، ما الذي كان يمنع من أن تتدحرج دمعة أو دمعتين من أجل هؤلاء الأطفال ممن عذبهم الغسيل والأجهزة المزروعة في أجسامهم. قد يكون لعبد العزيز بن سلمان ما يبرره ويقوله ركزت في بياض عينيه وقرأت سجلاً مدفوناً في داخله تجاه الحياة والناس وهذا الوطن العظيم الذي عمل في الخدمة العامة مثل الأمير عبد العزيز من خلال الجمعية الخيرية وخالط الفقراء وتعرف على أحزان وهموم أمراض الكلى والمعوقين بالتأكيد أن لديه مشاعر لا حدود لها وأنه يحمل هماً إضافياً للآخرين. وهذا ما جعلني أبقي عتبي على بعض من رجال الأعمال ممن انفصل عن مجتمعة وشعر (بالمعيبة) وربما المشين أن يعمل مع الفقراء ومرضى الكلى والسرطان ويتهرب من العمل التطوعي والخيري، وإذا قدم شيئاً تم عبر مؤسسات وإجراءات إدارية وإعلامية وربما لتسجيل موقف أمام بعض الشخصيات الاعتبارية.
عبد العزيز بن سلمان سيطر على مشاعره بين أطفال منهم الواقف على أطراف متعبة ومنهم الجالس على المقاعد المتحركة وآخرين يتكئون على أحد والديهم ومنهم من جاء مصفراً ومخضباً بأدوات التغسيل. أدرك جيداً أن الأمير عبد العزيز تجرد ممن حوله وغفل عن كاميرات التلفزيون والإعلاميين وتوحد مع هؤلاء الأطفال نفسياً وعاطفياً، فهم جاءوا في هذا اليوم العالمي لمرض الفشل الكلوي لشكره وشكر جمعيته. ليقول للآخرين إن الإنسانية ليس لها جواز أو بطاقة سفر. لذا أشعر أنه أطلق محابس ما بداخله بعيداً وبعزله عن (فضول) الآخرين. ولم أستغرب ذلك لأنهم يا رئيس الجمعية من تورمت أيديهم من وخز (الإبر) هم أطفالك وأنت أقدر على كسر الحواجز لأنك تحمل قلباً غارق بمحبة الأرض والناس وتحمل هماً للفقراء الذين يصارعون الموت وأملهم بالله كبير ليبقوا أحياء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي