أين وعي القارئ؟ (2)
لماذا ما زال الوضع في كل سنة يتكرر في معرض الرياض الدولي للكتاب؟، ولماذا يصر المجتمع وتصر دور النشر على إثبات أن السعودي هو من يربحهم؟ سواء قارئاً أو كاتباً؟.
في كل سنة أثناء معرض الرياض الدولي للكتاب، أو بعد المعرض ذات التذمر يتكرر من ارتفاع الأسعار الكبير في المعرض، لكم أن تتخيلوا أن الأعمال الكاملة لديستويفسكي تباع بعدد 18 مجلد بترجمة سامي الدروبي التي تباع عادة بـ 500 ريال، لأول مرة يتم بيعها مفرقة في معرض الرياض، بيعت لي الأخوة كارامازوف منها والتي تحتوي على 3 أجزاء بـ 100 ريال !.
ورغم أن القارئ ما زال يشتكي من ارتفاع الأسعار في المعرض، وما زال يشتكي من استغلال دور النشر للقارئ في المعرض من أجل ربح أعلى أكثر من أي معرض دولي آخر إلا أنه مازال يعبئ قائمته بالكتب التي تتوافر في مكتباتنا كما ذكرت في الجزء الأول من المقال، دون التفكير في فرق الأسعار الواضح!.
قرأت تحقيقاً صحافياً هنا في صحيفة الاقتصادية منذ أيام.. يعلق فيه مندوبو البيع لدور النشر في المعرض حول كون القارئ- المشتري يشتكي من ارتفاع أسعار الكتب لديهم دون أن يفكر في أن إيجار المكان نفسه مرتفع، وحقيقة! لم يكن هذا التعليق مقنعاً أبداً، كلنا نعرف سوق العمل، ونعرف كم ربحت هذه الدور حتى بالسعر الأصلي كون أن سعر البيع أعلى من سعر التكلفة، وكلنا نعرف أن الأسعار حتى لو بيعت، كما هي، سيكون ربح الدار غنياً، فلماذا هذا الاستغفال؟.
والقارئ لم يتشكل وعيه بعد بكل هذا لماذا؟، ما زال هناك العديد من القراء خاصة الشباب منهم، غير متوجهين بعد في القراءة، وما زالوا يبحثون عن الكتب ذاتها التي تزيد من مبيعات دار الساقي!.
أنا أخشى أن مستقبل هذا الجشع التجاري في سوق الكتب ستكون نتيجته تراجع عدد القراء أمام الغلاء المعيشي الذي نعانيه، رغم أن القارئ ما زال بيده الآن فرصة الوقوف في وجه ما يحدث من استغلال !
لو أن القارئ الآن يتحرك في ظل ما يحدث، يقيم حملات كالتي انتشرت الآن بسبب غلاء أسعار شركات تجارية، لو أنه يقاطع الدور التي تستغل حاجة القارئ السعودي إلى شراء الكتب الممنوعة من مكتباتنا، لما سكتوا أصحاب دور النشر أمام هذا ولتحركوا من أجل استعادة القارئ وكسبه كمصدر ربح لهم من جديد.
هناك البعض لم يخرج من المعرض بحصيلة كتب إلا بعد أن ( كاسر ) مندوبي البيع للحصول على سعر أرخص، والبعض منهم حصل أيضاً على خصم كبير خرج مزهواً به، لكن هل هذا سيشكل فرقاً؟ أبداً ما زالت دور النشر رابحة بأعداد كبيرة جداً، وربما لم يلحظ أحد منهم عدد المشترين القلائل الذين حصلوا على خصم من الدار في ذلك اليوم!