مأساة المعلمات البديلات!

ولمن لا يعرف معنى (البديلات) وفق نظام وزارة التربية والتعليم, أقول إنهن المعلمات المتعاقدات مع الوزارة كبديلات عن معلمات يتمتعن بإجازة حمل وأمومة أو إجازات استثنائية, وقد تمتد الإجازات من هذا النوع إلى سنة أو أكثر, وتتمثل مأساة المعلمات البديلات في تأخر صرف رواتبهن التي تركن منازلهن وأطفالهن من أجلها لأشهر عديدة بينما يحرمن من أبسط حقوقهن كالإجازة الاضطرارية أو حتى اعتبار فترة تعاقدهن كـ"خبرة" تضاف لسجلاتهن عند التقدم لوظائف وزارة الخدمة المدنية, أضف إلى ذلك أنهن لا يحصلن على رواتب الإجازات الرسمية كإجازة نهاية الأسبوع (الخميس والجمعة) وإجازات الأعياد واليوم الوطني!
رسائل عدة وصلت إلى بريدي تطالبني بالحديث عن هذه المأساة, ولأنني رجل أثق تماماً بأن وزارة التربية والتعليم مقبلة على تغييرات كبيرة ستتجاوز معها السلبيات الكثيرة المتراكمة, فقد قررت طرح هذا الموضوع لأن له من الأهمية ما يجعله يصطف في أول قائمة السلبيات التي تستحق العلاج في الوزارة اليوم.
يقول الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم: (أعط الأجير حقه قبل أن يجف عرقه) أو كما قال, بينما تقول إدارات تعليم البنات في مختلف مناطق المملكة للمعلمات البديلات التي بتن يتسولن رواتبهن: "راجعونا بعد 4 أشهر" ولأن الشهر يجر شهراً فقد تمتد مدة المراجعة إلى سنة كاملة دون أن يحصلن عليها ودون أن يجف عرقهن أيضاً لكنه عرق مطاردة معاملاتهن من مكتب إلى مكتب ومن موظف إلى آخر لا عرق كدحهن لتدريس بناتنا وفي نهاية كل مطاردة طويلة الأجل يتسلمن راتب شهر واحد فقط لتبدأ رحلة مطاردة جديدة!
إنني أتساءل عن الآلية الغريبة وغير المنطقية التي تتبعها الوزارة في هذا الجانب, كما أتساءل عن مدى إمكانية أن تقوم المعلمة التي تأخر صرف راتبها لأكثر من 4 أشهر بواجبها التربوي تجاه الطالبات على أكمل وجه, إنه أمر مستحيل ألا تصاب هؤلاء المعلمات بالإحباط وألا يؤثر ذلك في أدائهن.. وعلى المسؤولين في الوزارة أن يدركوا أن استمرار معلمة في العمل في ظل هذا الوضع لا يمكن أن يكون ناتجاً إلا عن حاجتها الحقيقية للعمل, فهذا الوضع مشابه إلى حد كبير لما يمكن تسميته بـ "السخرة" ولا أظن أنني بحاجة لشرح معنى هذه الكلمة لإخواننا المسؤولين عن تأخير الرواتب في إدارات تعليم البنات.
يا سادة يا كرام صدقوني إن قلت لكم إن أوضاعاً مأساوية كهذه بالنسبة للمعلمات لا يمكن أن ينتج عنها عملية تربوية سليمة وأنتم تعلمون جيداً ما الذي يترتب على ذلك, فالمعلم والمعلمة يشبهان في مهامهما الطبيب الجراح لكنهما يتعاملان مع عقول أبنائنا وبناتنا, وهذه العقول هي مسرح عملهما الوحيد ولكم أن تتخيلوا أن طبيباً محبطاً يضطر لإجراء عمليات جراحية لمدة سبع ساعات يوميا, ومدى الأخطاء التي ستنتج عن ذلك.
إنني أطالب الوزارة بوقف هذه المأساة اليوم وليس غداً والتعامل مع المعلمات البديلات, بالآلية نفسها التي تتعامل بها مع زميلاتهن المثبتات في وظائفهن من ناحية مواعيد صرف الرواتب واحتساب إجازات نهاية الأسبوع والإجازات الرسمية لهن, وأعلم جيداً أن الوزارة اليوم ليست مثل الوزارة بالأمس, وأن مطالب كهذه ستجد أذناً صاغية وهمة عالية لتجاوز الأخطاء السابقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي