ألغاز بلا حلول

تمر على الإنسان عدة مواقف لا يجد لها تفسيراً فهو يعيش حائراً يبحث باستمرار عن تفسير ويسأل كل من يلقى عن السر ويبحث في كل مكان يذهب إليه عن حل؟ ولماذا يحدث؟ ومن المسؤول عن حدوثه؟ ومن يتحمل نتيجة هذه المواقف؟، وتغدو هذه المواقف في حياتنا كالألغاز لا يجد كثير منا لها حلا وكلما زادت هذه الألغاز تزيد حيرتنا معها ويزيد همنا.
في كل يوم نقرأ عن اعتماد ميزانيات ضخمة ونشاهد توقيع اتفاقيات كثيرة واعتماد مشاريع مختلفة ولكن المحصلة وما هو موجود على أرض الواقع لا يتفق مع ما يعلن عنه لماذا؟ من الألغاز أن المسؤولين يتعاقبون فيذهب مسؤول ويأتي مسؤول ولا يعلم أحد لماذا ذهب فلان ولا لماذا أتى فلان، كما لأنه لا يعرف أحد كيف كان تقييم المسؤول الذي ذهب وهل أدى ما طلب منه وما الإنجازات التي حققها وهل كان ناجحاً في تحقيق الأهداف التي طلبت منه أم لا، كما لا يعرف أحد لماذا تم اختيار فلان كمسؤول وما معايير الاختيار وهل هو أفضل الموجودين، ومن الألغاز في هذا الإطار أن المسؤول الجديد الذي يأتي يقضي على ما قام به من سبقه – إن قام بشيء – فيقوم بوضع منهجية جديدة ورؤية ورسالة أخرى وهيكل آخر وهكذا، ومن الألغاز تلك المشاريع الوهمية التي يعلن عنها في وسائل الإعلام، التي تتميز برسومات جميلة تتضمن الأشجار والبحار والحدائق الغناء وغيرها من المناظر الخلابة التي تدفع بالناس إلى أن يدفعوا لهذا الوهم ما يدخرون بل يقترضون ثم يفاجأون بأن ما أعلن عنه لا يتجاوز إطار الصحيفة التي أعلن فيها، ومن الألغاز في رمضان الماضي أعلن عن حادثة موت أطفال لعائلة بسبب مبيد وضع في المسكن المجاور لهم وبعد وقوع الحادث شكلت اللجان ورفعت التوصيات وتكررت النداءات بسحب هذا المبيد من الأسواق ومع هذه الجهود تتكرر المأساة بموت طفلين دنماركيين تلتها حادثة تسمم العمال والبقية تتبع ويبقى حل هذا اللغز الحائر من المسؤول عن هذا الوضع، هل الأمانة أم وزارة التجارة أم وزارة الصحة أم جهات غيرها؟
من الأسرار أن إحدى الجهات الحكومية تشترط إحضار تصريح الدفاع المدني لتقديم رخصة العمل وعند مراجعة الدفاع المدني يشترط إحضار تصريح تلك الجهة أو موافقتها أولاً ويبقى المراجع بين الجهتين شهوراً وسنوات يتطلع إلى التصريح وهو لا يعرف حلاً لهذا اللغز كما تتواصل أسرار تصريحات المسؤولين خصوصاً عند الإعلان عن توفير الخدمات المختلفة وفي مقدمتها الماء الذي هو عصب الحياة حيث يعلن عدد من المسؤولين في مناسبات مختلفة مواعيد معينة لتقديم هذه الخدمة وأن الماء سيكون متوافراً في مدينة معينة خلال فترة زمنية محددة وهكذا يتكرر الإعلان عن مواعيد مختلفة ولا يجد المواطن حلاً لهذا اللغز، ومن الألغاز أننا نطلب من الشاب الخريج لكي يتوظف شهادة خبرة ونرفض تعيينه وهو خريج حديث فكيف يمكن لشاب أن يحصل على خبرة وكثير من الجهات لا تسمح بتوظيفه بحجة أنه لا خبرة له لأنه خريج جديد؟
ومن الألغاز إشاعة وجود شح في الوظائف وأن هناك بطالة وفي المقابل تجد هناك وظائف عدة لدى القطاع الخاص كما أعلن أخيرا عن وجود قرابة 200 ألف وظيفة في القطاع العام وهذا لغز يتكرر في كل عام وتختلف الإجابة عنه سواء كان السبب في مخرجات التعليم أو العائد المادي أو ساعات العمل، ومن الألغاز وجود انفصام لدى بعض الرجال والنساء فتجده في محيطه داخل وطنه بهيئة معينة فإذا سافر خارج الوطن تجده يتغير تغيراً جذرياً وكأنه شخصية أخرى مختلفة تماماً، ويتكرر هذا الأمر بالنسبة للسيدات فبعضهن تجدهن في وطنهن بهيئة وخارج الوطن تجدهن بهيئة مختلفة.
وهكذا أصبحنا نعيش في دوامة من الألغاز تحيط بحياتنا باستمرار وفي كل مكان وزمان، وفي رأيي أن حل كل هذه الألغاز في كلمة واحدة هي (المصداقية) فعندما تنعدم هذه المصداقية تكثر الألغاز ويتيه الناس وتفقد الحياة طعمها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي