قطاع الاتصالات يعزز التعاون الاقتصادي الخليجي
يعد قطاع الاتصالات في مقدمة القطاعات التي تلعب دورا محوريا في تطبيق السوق المشتركة الخليجية. بدأت دول مجلس التعاون بتنفيذ مشروع السوق الخليجية المشتركة في بداية عام 2008. وكانت الدول الأعضاء الست قد أقرت المشروع الطموح في ختام القمة الـ 28، التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة في نهاية عام 2007. يهدف المشروع إلى إيجاد سوق واحدة يتم من خلالها استفادة مواطني دول المجلس من الفرص المتاحة في الاقتصاد الخليجي، وتعظيم الفوائد الناجمة عن اقتصادات الحجم، ورفع الكفاءة في الإنتاج، وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة.
يشتمل مشروع السوق المشتركة على عشرة مسارات، وهي:
1) حرية التنقل والإقامة.
2) العمل في القطاعات الحكومية والأهلية.
3) التأمين الاجتماعي والتقاعد.
4) ممارسة المهن والحرف.
5) مزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية.
6) تملك العقار.
7) انتقال رؤوس الأموال.
8) المساواة في المعاملة الضريبية.
9) تداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات.
10) الاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية.
الاتصالات السعودية في البحرين
اللافت في الأمر هو استمرار قيام شركات قطاع الاتصالات بتجربة أسواق الدول الخليجية الأخرى، مستفيدة من تخفيف القيود التنظيمية وتشجيع السلطات لدخول شركات أخرى كمشغل ثان أو ثالث، وبالأخص في مجال الهاتف النقال. على سبيل المثال، تسلمت شركة الاتصالات السعودية في الأسبوع الماضي رخصة مشغل للهاتف النقال في البحرين ما يعني منافستها كلا من: شركة بتلكو البحرينية، وزين الكويتية.
وقد فازت شركة الاتصالات السعودية بالرخصة الثالثة في مزاد علني بتقديمها عرضا ماليا قدره 230 مليون دولار، ما يشكل دخلا مباشرا للخزانة العامة في البحرين ويخدم مشروع تقليل الاعتماد على القطاع النفطي. ومن المنتظر أن تستثمر الشركة 300 مليون دولار لغرض إنشاء البنية التحتية وتقنية المعلومات والاتصالات داخل البحرين. وتتوقع شركة الاتصالات السعودية، التي ستبدأ أعمالها نهاية 2009، الحصول على حصة بين 10 و15 في المائة من السوق البحرينية في السنوات القليلة المقبلة.
منافسة إقليمية
ويأتي دخول شركة الاتصالات السعودية البحرين في إطار سياسة تهدف إلى تعزيز وجودها العالمي، حيث تعمل حاليا في تسع دول تشمل الكويت. وكانت الشركة قد استحوذت نهاية 2007 على 26 في المائة على رخصة لتقديم خدمة الهاتف النقال بعد تقديم عرض مغر باستثمار أكثر من 900 مليون دولار في قطاع الاتصالات في الكويت. وتبين أن شركة فيفا ستبدأ نشاطها قريبا غير آبهة بالأزمة المالية العالمية، ما يؤكد متانة قطاع الاتصالات في المنطقة.
حقيقة القول، توجد منافسة خليجية في قطاع الاتصالات في السوق السعودية. بدأت شركة موبايلي، المرتبطة بشركة اتصالات الإماراتية، بتوفير خدمة الهاتف النقال في السعودية في أيار (مايو) عام 2005. وتم دفع مبلغ ضخم قدره ثلاثة مليارات و250 مليون دولار للحصول على رخصة التشغيل الثانية في المملكة. تسيطر شركة موبايلي على أكثر من ثلث حجم سوق النقال في السعودية. ولا عجب أن قررت الشركة تعزيز وجودها في قطاع الاتصالات السعودي، خصوصا الإنترنت بواسطة استحواذها على أسهم شركة بيانات الأولى. وحديثا حصلت "موبايلي" على موافقة الهيئة السعودية للاتصالات للاستحواذ على شركة زاجل الدولية المتخصصة في تقديم خدمة الإنترنت. من جهة أخرى، بدأ تحالف بقيادة شركة زين الكويتية بتقديم خدمة الهاتف النقال في السعودية في آب (أغسطس) عام 2008.
إحصاءات حيوية
أمور إيجابية تفسر التطورات المتلاحقة في قطاع الاتصالات في دول مجلس التعاون، فقد حقق القطاع نموا مركبا لعدد المشتركين في خدمة الهاتف النقال بنحو 38 في المائة في الفترة بين 2002 و2007. ويعزى هذا التطور إلى حقائق نوعية مثل وجود مجتمع يافع (نحو 60 في المائة من مواطني دول مجلس التعاون هم دون سن الـ 30)، فضلا عن قدرة واستعداد الرعايا للصرف على خدمات الاتصالات المختلفة. كما تحظى الشركات بالدعم الحكومي، حيث تمتلك الحكومات الخليجية نسبة متفاوتة في عديد من شركات الاتصالات. بدورها تسهم شركات الاتصالات في تعزيز الإيرادات غير النفطية في الموازنات العامة لدول الخليج على شكل عائد على الاستثمارات.
حسب آخر الإحصاءات المتوافرة تبلغ القيمة السوقية للشركات الخليجية العاملة في قطاع الاتصالات نحو 73 مليار دولار. تستحوذ شركة الاتصالات السعودية على 26.6 في المائة، مضافا إليها 9.1 في المائة نصيب شركة موبايلي العاملة في السوق السعودية. بدورها تسيطر شركة زين على 14.2 في المائة من القيمة السوقية لشركات الاتصالات الخليجية.
يتميز قطاع الاتصالات بقدرته على تحقيق أرباح، بدليل تحقيق شركة زين أرباحا قياسية لعملياتها التشغيلية عام 2008 قدرها مليار و200 مليون دولار. يزيد هذا الرقم بشكل هامشي على أرباح 2007، لكن تم تحقيق الربحية في ظل ظروف اقتصادية غير عادية. تشكل القدرة على تحقيق أرباح كبيرة ضخمة جانبا من اندفاع شركات الاتصالات الخليجية للتوسع إقليميا ودوليا.