وما نيل الرياضة بالتمشِي

جاء في وصف مشية الرسول صلى الله عليه وسلم عديد من الأحاديث فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال (ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن الشمس تجري في وجهه ، وما رأيت أحدا أسرع في مشيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما الأرض تطوى له وإنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث ) وروى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان إذا مشى مشى مجتمعا ليس فيه كسل) كما ورد عن علي رضي الله عنه في وصف مشيته صلى الله عليه وسلم القول (إذا مشى كأنما ينحدر من صبب) وفي رواية (كان إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما ينحط من صبب) والصبب هو المنحدر من الأرض أي أنه صلى الله عليه وسلم كان قويا سريع الخطوة يرفع رجليه ويخفضها من وعلى الأرض بقوة ونشاط ودون كسل، ففي خطواته قوة وشجاعة فكان صحابته يجاهدون أنفسهم للحاق به.
قارنت تلك الخطوات الرجولية القوية لأبي الزهراء صلى الله عليه وسلم وطريقة مشيته بما نسميه اليوم رياضة المشي وهي أقل رياضة جهدا لمقاومة أمراض العصر من سكري وكوليسترول وترهل وسمنة تناسب الكثير من الكسالى منا من متوسطي وكبار السن ومن هم على شاكلتي ، فوجدت أنه بحسبة بسيطة وباتباع طريقة مشيته وخطاه صلى الله عليه وسلم عند الذهاب والعودة فقط من مسجد يبعد عن المنزل أو مقر العمل ثلاث دقائق فسيمنحنا ذلك المعدل المطلوب للمشي اليومي وهو 30 دقيقة ، فما بالنا إذا ما اقتدينا به صلى الله عليه وسلم في خطواتنا ومشينا اليومي، إننا نضحك على أنفسنا بما أسميناه مارسة رياضة المشي وخصصنا له ورصفنا المماشي فكانت مع لأسف لزيادة السمنة بين أكل البوظة وإفراغ المشروبات الغازية في أمعائنا المسكينة المغلوبة على أمرها وربما وصل الأمر بنا التوقف بين كل شوط وآخر لجلسة استراحة لنرشف المعسل بألوانه الزاهية ونكهاته المختلفة .
فإذا كنت أيها القارئ العزيز من ذوي الشوارع الفسيحة فسلم على يدك (وش وقفا) ونظم ذهابك وإيابك في تلك الشوارع بإتباع تلك الخطى التي تعلمناها منه صلى الله عليه وسلم ،أما إذا كنت من ذوي الشوارع ذات العاهات المستديمة فأنت ممن ينطبق عليهم المثل البلدي بحذافيره ( من نقرة لدحديرة يا قلبي لا تحزن ) فأعانكم الله وستكون أمراضكم وترهلاتكم في ذمة من جعلوكم تدوسون على الأقذار وتقفزون من على البيارات فإما أن تقعوا في إحدى تلك الحفر أو النقر وإما أن تصطدموا بعمود نور يجيب الأجل.
ولقد راقبت يوما صديقا لي يمشي في أحد "المولات" فسألته عن سبب وجوده في هذا "المول" الفخم فأجاب بعد أن أشتكى حال حارته بالقول جئت أمارس رياضة المشي في مكان نظيف، فقلت له أي رياضة تقصد أرياضة المشي أم رياضة التسكع؟ فقد رأيتك تسحب رجليك سحبا وفي نعليك صوت خشخشة وتتميز بتنقل بصري سريع في المتسوقين والمتسوقات خاصة فأنت أنثوي المشية ذكوري النظرة .
ولطريقة المشي عند العرب ياسادة أسماء كثيرة منها مشية المتمايل والمتمخطر والمتكبر وهي من المشيات المنهي عنها فما أحوجنا أن نتتبع خطاه صلى الله عليه وسلم حتى في مشيته ففيها اتباع لسنته ومنها أن نظهر بين العالم بمشيه ذات قوة وعزيمة وهمة ورجولة نفخر بها فإن لم تكن كذلك فلتكن رحمة بأجسادنا المترهلة وقلوبنا المرهرطة والله المستعان .

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي