اللعب خارج المنهج : لعب بالنار!

يعمد كثير من المعلمين في مدارسنا الحكومية إلى الخروج عن المنهج المقرر على الطلاب سواء كان ذلك الخروج من خلال حصة الدرس أو من خلال الواجبات المنزلية التي يكلفون الطلاب بها, ورغم خطورة هذه العملية التي تشبه إلى حد كبير عملية اللعب بالنار، إضافة إلى كون المعلم ليس مخولاً بطرح مناهج بديلة عن تلك التي أقرتها وزارة التربية والتعليم إلا أننا نجد من يشيد بمثل هذا العمل, ويفترض أنه عملية جيدة!
أكتب هذا بعد اطلاعي على خبر نشرته إحدى الصحف المحلية بالأمس عن معلم في المنطقة الجنوبية قرر اللعب خارج المنهج المقرر على طلابه ليلقى التشجيع من مدير مدرسته والإشادة من الصحف أيضاً.
أخونا المعلم المعني وبدافع من وطنيته وأمميته أيضاً كما أشارت الصحيفة التي نقلت الخبر خصص كامل أسئلة الصف الثالث الثانوي (علوم طبيعية) لقضية الإرهاب، فجاءت الأسئلة جميعها ابتداء من القطعة في أول سؤال إلى آخر الأسئلة تناقش قضية الإرهاب ومحاربته وتسليط الضوء على أضراره والإشادة بشهداء الواجب من رجال الأمن.
وبالطريقة نفسها وظف المعلم العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة بفلسطين في كامل أسئلة الصف الثالث الثانوي(علوم شرعية).
حسناً.. كلنا نعلم أن قضية محاربة الأرهاب قضية كل مواطن يستشعر مسؤوليته تجاه أمن هذا الوطن, لكن يجب أن نعترف بأن أي حديث في هذه القضية وخصوصاً في مجال التعليم يجب أن يستند إلى فهم كامل لها ومقرر رسمي يوضحها ويطرح آليات محاربة الفكر الضال الذي يقف خلف ظاهرة الإرهاب, لا أن يتم إخضاع القضية لفلسفة ذاتية من شخص متحمس قد تؤدي في النهاية إلى نتائج عكسية, وأنا هنا لا أشكك في المعلم ولا في وطنيته لكني لا أؤمن أبداً بأن يُفتح هذا الباب للمعلمين ودون مقرر رسمي وباختراق صارخ للنظام, فاللعب خارج المنهج كما أسلفت خطير, ومعلمنا الفاضل يجب أن يحاسب على تجاوزه للنظام, لا أن يصفق له، كما يجب أن تُدرس الأسئلة التي طرحها للطلاب من قبل لجنة من وزارة التربية, وخصوصاً تلك المتعقلة باستثارة الطلاب عاطفياً تجاه أحداث غزة, دونما مقرر رسمي يحدد الطريقة الصحيحة للتعامل مع مثل هذه القضايا.
إننا نعلم جميعاً أن إحدى أهم طرق استدراج الشباب من قبل الفئة الضالة وتحويلهم إلى أدوات للقتل والدمار والإرهاب تتمثل في استثارتهم عاطفياً بدرجة كبيرة دونما أي ضوابط تجاه قضايا الأمة الإسلامية, وما زالت قوى الشر الظلامية تستدرج أبناء هذا البلد للزج بهم كحطب في نيران الحروب في العراق وأفغانستان والشيشان وأماكن أخرى من العالم.
مثل هذه التجاوزات من قبل المعلمين يجب الانتباه لها جيداً, حتى وإن كنا نثق بنواياهم ووطنيتهم ومشاعرهم تجاه أمتهم, فالوزارة وضعت مناهج لا أعتقد أنها تخلو من أطروحات هدفها تنمية الحس الوطني والأممي بشكل مدروس ومنضبط.. أليس كذلك؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي