دبي تتكيف مع تداعيات الأزمة المالية
من شأن توافر السيولة الجديدة مساعدة السلطات في دبي الوفاء بالالتزامات المالية على الإمارة، فيما يخص تنفيذ مشاريع تنموية متميزة، مثل: شبكة المواصلات، والبنية التحتية المتعلقة بالكهرباء والماء لمواكبة التطور.
تؤكد دبي المرة تلو الأخرى أنها مبدعة، ليست فقط في طرح المشاريع المتميزة مثل مهرجان التسوق في فصل الصيف، بل رائدة فيما يخص التكيف مع تداعيات الأزمة المالية العالمية. والإشارة هنا إلى الإعلان عن برنامج سندات بقيمة 20 مليار دولار، إضافة إلى صدور حكم قضائي بسجن وزير سابق في قضية مالية.
فقد حصلت حكومة دبي على امتياز خاص من البنك المركزي الإماراتي في أبو ظبي بالاكتتاب بنصف المشروع (أي عشرة مليارات دولار). وتحمل هذه السندات غير المضمونة، التي تمتد خمس سنوات، فائدة سنوية قدرها 4 في المائة. تعد الفائدة المفروضة مرتفعة نسبيا، لكنها توفر تعويضا عن حالة عدم ضمان السندات.
ديون ضخمة
الشيء الجميل هو أن النصف الأول من مشروع السندات لا يشكل عبئا ماليا كبيرا على دبي بالنظر للمدة والضمان، خصوصا أن الإمارة تعاني وطأة ديون ضخمة. حسب أفضل الإحصاءات المتوافرة، تبلغ قيمة الديون المترتبة على حكومة دبي والمؤسسات التابعة لها أكثر من 80 مليار دولار مشكلة 145 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة. في المقابل، تبلغ قيمة الموجودات التابعة لحكومة دبي والمؤسسات التابعة لها مثل شركة النحيل العاملة في مجال العقار نحو 350 مليار دولار، أي أعلى من المديونية عدة مرات.
ومن شأن توافر السيولة الجديدة مساعدة السلطات في دبي الوفاء بالالتزامات المالية على الإمارة، فيما يخص تنفيذ مشاريع تنموية متميزة مثل شبكة المواصلات، والبنية التحتية المتعلقة بالكهرباء والماء لمواكبة التطور. من جملة الأمور، العمل جار في الوقت الحاضر على مشروع "مترو دبي". من المنتظر أن يتم تشغيل المرحلة الأولى من مترو دبي "الخط الأحمر" في أيلول (سبتمبر) من العام الجاري على أن يتم تشغيل الخط الأخضر في آذار (مارس) عام 2010. يتضمن مشروع مترو دبي في المجموع 47 محطة موزعة على بعض المناطق الشهيرة مثل "محطة الرقة" ومحطة "مجمع برجمان".
خطة دبي الاستراتيجية
ويسمح برنامج السندات بتنفيذ خطة دبي الاستراتيجية، التي تغطي الفترة بين 2007 و2015، التي تهدف إلى تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 11 في المائة سنويا. كما ترمي الخطة إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي للإمارة من 37 مليار دولار عام 2005 إلى 108 مليارات دولار في 2015، لكن يعتقد أن حجم الناتج المحلي الإجمالي بلغ نحو 55 مليار دولار عام 2008.
وتشير عديد من المؤشرات إلى أن حكومة دبي مصممة على تنفيذ مشاريع تنموية، حيث تشكل الأموال المخصصة لتنفيذ مشاريع تنموية مثل تطوير المواصلات العامة وشبكة الطرق 45 في المائة من موازنة العام الجاري. تبلغ قيمة موازنة دبي للسنة المالية 2009 نحو عشرة مليارات و270 مليون دولار مشكلة عجزا بقيمة مليار و100 مليون دولار. لا يمكن اعتبار المديونية أو العجز أمرا سلبيا في حال تم توظيف الأموال لتنفيذ مشاريع تنموية تأتي بعوائد على الاقتصاد المحلي كما هو الحال بالنسبة لمشروع "مترو دبي".
محاكمة وزير
شهدت إمارة دبي الأسبوع الماضي سابقة جديدة تتمثل في استصدار حكم قضائي (قابل للاستئناف) بحق وزير سابق. وحكمت المحكمة الابتدائية على وزير الدولة الدكتور خليفة بخيت الفلاسي بالسجن لمدة سنتين بتهمة الاحتيال. وكانت السلطات الاتحادية قد أقالت الوزير من منصبه في فصل الصيف، وذلك على خلفية تقديم سيدة لبنانية شكوى تتهم بخيت بخيانة الأمانة والاستحواذ على شركة وقطعة أرض تعود لأحد المقيمين في دبي وذلك بعد وفاة المقيم. بيد أنه تمت تبرئة الوزير السابق من تهمة الخيانة العامة. وكان الوزير المدان المقال قد شغل منصب وكيل وزارة التربية والتعليم وهو أول سفير للإمارات لدى أستراليا.
لا شك حدث هذا الأمر قبل ظهور الأزمة المالية، لكن صدر الحكم في توقيت يخدم عملية محاربة أشكال الفساد المالي والإداري كافة، بل من شأن توجه هكذا تعزيز ترتيب الإمارات في تقرير مدركات الفساد الصادر من قبل منظمة الشفافية الدولية.
الجدير ذكره، أن الإمارات حلت في المرتبة 35 عالميا، أي ثاني أفضل نتيجة بين الدول العربية بعد قطر في تقرير عام 2008. وقد حظيت الإمارات بالمرتبة الأولى خليجيا وعربيا عام 2006، نظرا لحلولها في المركز 31 عالميا. تعرف منظمة الشفافية الدولية الفساد على أنه سوء استعمال الوظيفة في القطاع العام من أجل تحقيق مكاسب شخصية. تعتمد دراسة منظمة الشفافية الدولية بشكل جزئي على استطلاع وجهات نظر رجال الأعمال والمقيمين الأجانب لمدى تقبل السياسيين وموظفي القطاع العام للرشا.
ختاما نرى صواب توجه الحكومة الاتحادية في أبو ظبي بتوظيف جانب من الفوائض المالية لمساعدة إمارة دبي على الوفاء بالتزاماتها المالية، وهي تنفذ مشاريعها التنموية. تبلغ القيمة المالية للصندوق السيادي التابع للإمارات 875 مليار دولار من مجموع 1500 مليار دولار حجم الصناديق السيادية التابعة لدول مجلس التعاون الخليجي.