إيران.. عدوة أم صديقة هل نحسم هذه المسألة؟
السؤال المطروح على أجندة المختصين بالأمن القومي العربي، الذي يتداولونه في المؤتمرات وورش العمل المختصة، هو: هل إيران تشكل مصدر تهديد مباشر للأمن العربي؟
هذا السؤال عاد الآن بقوة في الفترة الأخيرة إلى دائرة النقاش، فالسلوك الإيراني كان مربكا ومحيرا في السنوات الأخيرة، وهذا جعلنا إزاء حالة خلافية، فهناك من يرى أن إيران دولة مسلمة وجارة وجبهتها الداخلية غير موحدة، لذا ليس من المصلحة الاستراتيجية العداء المطلق، وهؤلاء يدفعهم حسن الظن والرغبة في التعايش المشترك، خصوصا أن ما يجمع إيران مع العالم العربي أكثر مما يفرقها.
في المقابل، ثمة فريق يرى أن إيران لديها عداء متجذر تجاه المحيط العربي تدفعه طموحات قومية (فارسية) وتعززه (روح الثأر) المزروعة في وجدان الضحية منذ موقعة كربلاء، لذا، انطلاقا من الفهم لهذه الجذور، يرون أن نزعة الصراع والتهديد للعالم العربي مُسلَّمة مطروحة لدى فئات رئيسة في إيران ترى أن هذا الصراع هو (شرعيتها السياسية)، وهو أيضا ضروري لتجميع الجبهة الداخلية (الفسيفسائية).
هذا المكون، بأبعاده التاريخية والسياسية، هو الذي يعزز رأي الفريق الثاني، الذي يدعو إلى أن تكون المواجهة مع إيران في أولويات الأمن القومي العربي، ويبنون تصورهم السياسي هذا على موقف إيران السلبي تجاه الاستقرار الإقليمي ودخولها بالمال والسلاح والإعلام والتحريض الفكري، والعمل الاستخباراتي في المنطقة، ما يجعلها مصدرا رئيسيا للإخلال بأمن المنطقة وسلامتها.
الآن، وبعد التصريحات العدائية الأخيرة التي تعتبر مملكة البحرين محافظة إيرانية، سوف يتعزز الشعور عن العداء الإيراني المُبيَّت تجاه الأمن العربي، وبعد ما فعلته إيران بالعراق وتحولها إلى طرف فاعل ورئيسي مؤثر في قرارات الدولة والمجتمع في العراق، هذا التصور يكتسب الآن معززات جديدة، ويبدو أن إيران تريد أن (تقتنص اللحظة) في البيئة السياسية القلقة في المنطقة لتتحول إلى قوة إقليمية.
ما يتفق عليه كثير من المهتمين بالأمن القومي العربي هو ضرورة أن تقوم الدول العربية بمواجهة صريحة مع إيران حيث تطرح جميع الموضوعات المقلقة، سواء ما هو عملي فعلي مرصود على أرض الواقع، أو ما هو عبارة عن أفكار وآراء وتصورات سياسية، وأفضل آلية هي أن يكون هناك لقاء مصارحة مع إيران سواء على مستوى القمة أو على مستوى وزراء الخارجية والداخلية العرب، وفي ضوء هذا اللقاء يتم حسم الموضوع: هل إيران عدوة صريحة يرقى عداؤها إلى (إسرائيل) أم هي جارة وصديقة؟
ترك الوضع القائم خطير، فقد نتساهل ونُحسن الظن وتمضي إيران في بناء قدراتها العسكرية وتتوسع في زرع شعور العداء تجاه العرب في شعبها، وبهذا تتحول إلى سيف مسلط على رقابنا، أو نمضي نحن في سوء الظن، وبالتالي نخسر دولة كبيرة ما يجمعنا معها أكثر مما يفرقنا.