نعم الاختيار يا أبا متعب
بترشيح كريم من مسؤول رياضي جمعتني مهمة وطنية بفارس مقالتنا اليوم، الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد وزير التربية والتعليم، فقد شرفني بإعداد دراسة أو ورقة عمل تخص جزئية رئيسية من منظومة المجتمع المعرفي في السعودية، وحفل لقاؤنا الأول بحوار طويل أسهب فيه في مجالات المعرفة والتعليم والتربية والرياضة والتنظيم والفروسية وواقعنا الحاضر مظهرا آمال وطموحات استنتجت من خلالها أنه يعبر عن طموحات وآمال خادم الحرمين الشريفين، واستغرق إعداد ورقة العمل مني ما يقرب من الشهرين كنت ألتقي معه بين حين وآخر إما في مكتبه في جدة أو الرياض فوجدت في صاحبنا فكرا ناضجا متطورا وطموحات وطنية لا حدود لها مبنية على اعتماد التقنية والانفتاح والحداثة وتحقيق النقلة النوعية كما تحاورنا طويلا في مسودة ورقة العمل بحضور زميلنا الدكتور صلاح السقاء الذي أثرى بدوره اللقاء فكان التفاعل الفكري والثقافي المفتوح دون حواجز ذا مردود إيجابي على تقييم ورقة العمل وتطويرها، وكنت أقول لأخي الدكتور صلاح إنه من الخسارة أن يغيب مثل هذا الإبداع الفكري عن ساحة المنظومة التعليمية والتربوية والرياضية في بلادنا.
فلله درك يا أبا متعب فنعم الاختيارُ والمختارٌ والمختارَ.
ولك يا أبا محمد أود أن أحاورك كما كنا نتحاور بالأمس القريب دون رسميات ولا مجاملات، فاليوم أجد نفسي حائرا، هل أهنئك أم أواسيك؟ فقد أصبحت بين عشية وضحاها مسؤولا عن مستقبل شريحة وطنية تتجاوز الـ 16 في المائة من عدد سكان السعودية، فأمامك إرث ثقيل وتراكمات سنوات طويلة ومهمة وطنية لا جدال هي الأكثر حساسية ومتطلبا وتكلفة، وأود هنا أن أكرر عليك ما كنت تردده عن رياضة الفروسية بأنها رياضة صعبة النجاح حيث علينا أن نخلق التوافق والتجانس بين ركنيها الأساسيين الفرس والفارس، وإذا بك اليوم في اختبار أصعب وأدق له أربعة أركان الطالب والمعلم والمنهج والمكان، فأصبح على عاتقك خلق ذلك التوافق والتجانس فكل ركن من تلك الأركان الأربعة يحتاج في نظري إلى وزارة .
أبا محمد دعنا نشارك الوطن في أحلامه وآماله فالوطن يحلم بمدارس نموذجية بدون أوراق تعمل من خلال الوسائط الإلكترونية، والوطن يحلم بخطوة جريئة بتقييم وتقويم مكونات المنظومة التعليمية، والوطن يحلم بتحقيق الجودة الشاملة من خلال معايير متطورة وحديثة، والوطن يحلم بصناعة الإنسان من خلال إرساء الفكر التعليمي والتعلمي وإلغاء التلقين والتلقن والتحليق إلى آفاق النقاش البناء والحوار والعصف الذهني، والوطن يحلم بنظام دفاعي ذاتي لأبنائنا وبناتنا ندرأ به ذلك الخطر القادم تحت عباءة العولمة، والوطن يحلم بتطوير نوعي وتربوي ورفع المستوى التعليمي والمعيشي للكوادر التعليمية لتكون قادرة على حمل الرسالة ومواكبة التحديث، والوطن يحلم ببحوث ودراسات تساهم في إثراء الفكر التعليمي والتعلمي للمجتمع السعودي، والوطن يحلم بمنظومة رياضية في صلب المناهج والكوادر التعليمية وساحات المدارس، والوطن يحلم بنظم تربوية تثري في أطفالنا وشبابنا حب الوطن والإيثار والتضحية واحترام الرأي وشرف العمل، فالوطن يحلم ونحن نحلم وأنت تحلم والطالب يحلم والمعلم يحلم ولكن بقي لنا شيء ليس بالأحلام والأوهام والآمال ألا وهو صلاح النية، وتعاون جميع مرافق الدولة لخدمة هذه المهمة الوطنية فعندها فإن الله بحوله وقوته سيشرع لنا الأبواب لتحقيق تلك الآمال فكان الله في عونك وعون من معك في حمل هذه المسؤولية فهي بلا شك محك لاختبار معادن الرجال وأنا على ثقة بأنك فارسها والله المستعان أولا وآخرا.