قيادات واعدة.. من يسلط الأضواء على إنجازاتها؟

ينصح المحللون الاقتصاديون المستثمر الذي يرغب في تملك جزء من أسهم أي شركة مساهمة أن يختبر عدة أمور قبل أن يقدم على هذه الخطوة، مثل تحليل وتقييم معدلات الأرباح السنوية والعائد على السهم من الأرباح ومستوى النمو في الأرباح والإيرادات التشغيلية وقوائم التدفقات النقدية ومستوى كفاءة طاقم الإدارة التنفيذي في الشركة، كل المعلومات التي تتعلق بأداء الشركات متوافرة في موقع تداول الإلكتروني ويمكن لأي مهتم أن يطلع على تلك البيانات في أي وقت، ولكن الذي لا يمكن الحصول عليه هو المعلومات الخاصة بإنجازات ومستوى كفاءة طاقم الإدارة التنفيذي للشركات، حيث يلاحظ أن لدينا نقصا واضحا في الآلية التي تسمح برصد وكشف الإنجازات الموثقة للقيادات والكفاءات وكأن هذه المعلومات جزء من الأسرار العسكرية التي لا يجب أن يعلم عنها إلا فئة محدودة من الناس لتكون مقتصرة على أعضاء مجالس الإدارات.
أكثر القيادات التي تشغل الوظائف التنفيذية في الشركات المساهمة مجهولون عند العامة من الناس مع أنها قيادات مؤتمنة على أموال المساهمين وقد تتعاظم أرباح الشركة أو تتلاشى نتيجة للأداء والقرارات التي تقدم عليها، ما الذي يجعل هذه القيادات وما تحققه من إنجازات غير معروفة عند الناس؟ كيف يتأكد المساهمون أن من يتقلد المناصب القيادية في الشركات المساهمة قد تم اختيارهم من قائمة أفضل الكفاءات الموجودة في سوق العمل؟ من المفارقة المحزنة أنه عندما يعين قيادي لإحدى الشركات المساهمة في الدول المتقدمة فإن معظم المهتمين وكثير من المتداولين على معرفة به، بل ربما ترتفع أسهم الشركة في البورصة نتيجة لذلك القرار نظرا للتاريخ الحافل بالإنجازات الذي يملكه ذلك المسؤول، بينما عندما يعين قيادي في شركاتنا ففي الغالب لم يسمع به أحد من قبل، ليتم تقديمه لنا من خلال نشر نبذة عن سيرته الذاتية في الصحف المحلية والتي لا تتعدى سردا للشهادات والمناصب التي تقلدها ذلك المسؤول والتي لا تسمن ولا تغني من جوع إن لم يصاحبها تاريخ معروف من الإنجازات المحققة وبالأرقام الموثقة.
أعتقد أن السبب الرئيس لبقاء كثير من القيادات والكفاءات في الظل بعيدا عن متناول وسائل الإعلام يعود للنقص في المؤسسات المتخصصة التي تسلط الأضواء على إنجازات هذه الفئة من الناس ليتعرف عليهم أفراد المجتمع وأصحاب الشأن من المختصين، فلو كانت لدينا مجلات متخصصة في الموارد البشرية تتابع وترصد المواهب الإدارية في كل أرجاء الوطن وتحلل وتكتب عن كل ما تحققه تلك الكفاءات من إنجازات وتتبنى تنظيم الفعاليات التي تقيم أعمالهم وإنجازاتهم فتقدم الشهادات لأفضل القيادات وتكرمهم في احتفال يشهده كل المهتمين، لوجدنا في مجتمع الأعمال قيادات وكفاءات تم فرزها وإبرازها للمجتمع من خلال ما قدمته من جهود وما صنعته من إنجازات، وفي الوقت نفسه يتنافس الإداريون المنظمون حديثا لسوق العمل لنيل هذه الشهادات فنحصل على أجيال متعاقبة من الكفاءات المتعددة التي لم يكن في إمكانها الظهور للعلن لولا هذه الفعاليات فتحصل على فرصتها في إثبات تفوقها في جميع المجالات. ومع أن هذه النماذج من الكفاءات والمواهب الإدارية أكثر تأثيرا وأهمية للمجتمع، حيث لا تنهض وتتقدم الأمم إلا بفضل جهودها وإنجازاتها التي تسهم في تطوير الاقتصاد وزيادة الناتج القومي للبلاد، إلا أننا لا نرى برامج وفعاليات يتم فيها تكريم القيادات كالتي يحظى به لاعبو كرة القدم أو الفنانون، فلماذا لا يكون لدينا فعاليات تكرم هذه الفئة من الموهوبين؟ لذا فإنني ومن خلال منبر صحيفة "الاقتصادية" أدعو القائمين على هذه الصحيفة المعروفة بمبادراتها في هذا المجال وهي التي ترعى حاليا قائمة أفضل بيئة عمل وكانت وما زالت ترعى فعالية أكبر 100 شركة في المملكة أن تتبنى وترعى جائزة لأفضل القياديين والإداريين التنفيذيين أداءً في الشركات من خلال رصد وتحليل وتقييم الإنجازات التي يحققونها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي