تعقيد الإجراءات وطلب إثبات النفي
اعتادت الكثير من الجهات أن تطلب بعض الإثباتات عند إجراء التعاملات، ومن ذلك مثلاً عند الرغبة في الحصول على تأشيرة للسفر إلى بعض الدول الأوروبية، يتم طلب توافر حجز فندق، وتذاكر سفر، وتأمين طبي، ومثال آخر ضرورة إحضار ما يثبت التأمين على المركبة، والفحص الدوري، عند تجديد وثيقة ملكية المركبة، وقس على ذلك الكثير. في عصر المعلومات، وتطور التقنيات لم يعد من المقبول تعقيد "العملاء" بطلب المزيد من الإثباتات.
بطبيعة الحال تحقيق هذا الهدف قد يكون من أصعب الأمور عند تعدد الجهات وغياب المرجعية الواحدة، مثلما في حالة تأشيرة السفر للدول الأوروبية. فمن الصعوبة ربط السفارة "الأجنبية" ذات الصبغة "السياسية" بخطوط الطيران "غير الوطنية" مع شركة التأمين "التجارية"، خصوصاً في ضوء عدم اعتماد رقم موحد. فالسفارة تعتمد رقم الجواز، وخطوط الطيران تعتمد اسم المسافر، وشركة التأمين تعتمد رقم الهوية الوطنية أو رقم الإقامة، وتزداد العملية تعقيداً مع تنوع السفارات واختلاف اللغات، وكثرة شركات الطيران، وشركات التأمين.
في حالات أخرى تكون المرجعية واحدة وقريبة، مثلما في حالة طلب استخراج جواز السفر من "وزارة الداخلية"، فلا داعي لطلب بطاقة الهوية الوطنية التي تصدرها "وزارة الداخلية"، أو عند رغبة الزوج في استخراج جواز سفر لزوجته، فلا داعي لإحضار ما يثبت الزواج، بالذات إذا كانت الزوجة مضافة لدفتر العائلة الصادر من "وزارة الداخلية"، وقس على ذلك.
في أغلب الحالات تكون المرجعية واحدة ولكنها بعيدة نوعاً ما، وذلك فيما يتعلق بالجهات الحكومية. فعند التقديم على مناقصات حكومية يستلزم تقديم إثباتات معينة، مثل: صورة من شهادة الزكاة والدخل الصادرة من "الحكومة"، وصورة خطاب من المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية التابعة "للحكومة" فيما يتعلق بنسبة السعودة، وصورة من السجل التجاري الصادر من "الحكومة" فيما يتعلق بتسجيل الشركة ونوع النشاط المسموح به ... إلخ. وعند التقديم لصرف مستحقات لدى الدولة يتطلب تقديم إثباتات أغلبها صادر من الحكومة. ومع التقدم في مجال تقنية المعلومات في الجهات الحكومية نتمنى أن تخف المعاناة في هذا المجال.
ولكن المحزن أن تقوم جهة حكومية بطلب إثبات النفي، ومثال ذلك عند طلب صرف المستحقات المالية للمزارع من المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق "الحكومية"، يطلب من العميل "المواطن" إحضار ما يثبت بأن ليس لديه دين على البنك الزراعي التابع "للحكومة"، وهذا الطلب بطبيعة الحال من مصلحة البنك الزراعي، وليس من المنطق أن يتكبد المواطن الصعاب ويتحمل إحضار ما يثبت عدم وجود مديونية عليه، بل الأصل أن يوفر البنك الزراعي الآلية المناسبة للمؤسسة للتأكد بشكل إلكتروني من عدم وجود مديونية على المزارع. وعلى النقيض من ذلك نجد في القطاع الخاص ما تقوم به البنوك، فعند الرغبة في إقراض عميل، لا يلزم البنك العميل بإحضار ما يثبت ديونه أو إثبات عدم وجود قرض عليه لدى البنوك الأخرى، ولكن البنك يتحرى بطريقته الخاصة، عن طريق الشركة السعودية الائتمانية "سمة" أو بأي وسيلة أخرى.
دعوه صريحة لجميع الجهات الخدمية، يسّروا ولا تعسّروا، ليكن هدفنا تسهيل الإجراءات والتيسير على الناس.