هل أنت مستعد للحكومة الإلكترونية؟

عماد سرحان

يعتقد الكثيرون أن الإستعداد للحكومة الإلكترونية يقتصر على توفير مجموعة من الأجهزة الحديثة والبرامج المتطورة فتصرف الميزانيات الضخمة لشراء تلك الأجهزة والبرامج وتدريب العاملين في المنشآت الحكومية على التعامل مع الكمبيوتر ونحو ذلك ويتناسي الجميع الأهم وهو المستفيد من خدمات الحكومة الإلكترونية وما يتوجب فعله تجاهه.فالمستفيد هو الأساس فهو بحاجة الي خدمة سريعة ومتطورة بدلا من الأسلوب التقليدي في تقديم الخدمة له ليشعر أنه قد وفر الوقت والمجهود في حصوله على الخدمة ولا يتأتي ذلك إلا إذا إستعدت المنشأت الحكومية بشكل عملي لتقديم مثل هذا المستوي من الخدمة.
ولايمكن للمنشأت الحكومية التي تعاني من مشاكل الورق المتراكم والمنتاثر على المكاتب أو من الإجراءات والتعاملات البطيئة المليئة بالأخطاء والمشاكل أو من صعوبة إيصال المعلومات والخدمات للمستفيدين بشكل سلس أن تقدم خدمات إلكترونية متميزة وبالتالي فهي منشأت غير قادرة على التعامل مع الحكومة الإلكترونية ولن تكون مستعدة لها بأي شكل من الأشكال وعليها أن تفعل شيئا تجاه ذلك ، وحتى تتمكن المنشأت الحكومية من الإستعداد للحكومة الإلكترونية وقادرة على التعامل معها فلا بد أن تبني نفسها من الداخل أولا لأن فاقد الشئ لا يعطيه ويتاتي ذلك من الناحية التقنية من خلال توافر خمسة عناصر أساسية في كل منشأة تمثل في مجموعها دمجا كاملا بين أنظمة إدارة المحتوى Enterprise Content Management من جهة وأنظمة أتمتة العمليات Business Process من جهة أخري.والعناصر الخمسة التي تنتج عن ذلك هي:
1-أنظمة إدارة أتمتة العمليات BPM
وهي القلب النابض للحكومة الإلكترونية فبدونها لا يمكن أن تتحقق أي خدمات إلكترونية مهما توافر من تقنيات. فيجب على المنشأة الحكومية التي تسعي للإستعداد للحكومة الإلكترونية أن تعمل على أتمتة كافة عملياتها وخدماتها خصوصا التي لها علاقة مباشرة بالمستفيدين من تلك الخدمات ونعني بالأتمتة هنا الأتمتة الكاملة فلا يكفي وضع نموذج إلكترونى على الموقع الإلكتروني للمنشأة الحكومية وتبقي كافة العمليات والنشاطات بعد ذلك يدوية ورقية مشبعة بالمشاكل والأخطاء.
ولتحقيق ذلك يجب أن تمتلك المنشأة الحكومية أنظمة متكاملة لأتمتة العمليات وإدارة عملية الأتمتة لتغطي كافة المراحل التي تمر بها عملية أتمتة العمليات وهى التحليل والتصميم والتنفيذ والمراقبة. حيث تساعد هذه الأنظمة على تحليل العمليات اليدوية الحالية وتحويلها الي عمليات مؤتمتة من خلال التصميم ومن ثم تطبيق ما تم أتمتته على أرض الواقع مهما كان حجم تلك العمليات ثم مراقبة ما تم تنفيذه وإكتشاف أي أخطاء أو مشاكل ليعاد تحليلها وتغير التصميم بناءا عليها ثم التنقيذ والمراقبة وهكذا فهي عملية مستمرة لا تنتهي وبالتالي يجب أن يكون النظام متكاملا شاملا قادرا على خدمة المنشأة الحكومية في كل تلك المراحل على أن تقوم المنشأة الحكومية بأتمتة كافة عملياتها بالتدريج واحدة تلو الأخري
2-التحكم بالمدخلات Input Management
حيث إنه من الصعب السيطرة على الأخرين خارج المنشأة وإجبارهم على التعامل إلكترونيا مع المنشأة فلابد أن يكون للمنشأة الحكومية تحكم كامل بكافة مدخلاتها من ورق ومستندات حتي تستطيع معالجتها إلكترونيا فيما بعد وأن لا تتسرب أي مدخلات ورقية الي المنشأة دون معالجة لأن هذا التسرب سيؤدي حتما الي خلل في الأتمتة.
وحتي يحقق ذلك فلابد أن تتوافر الأدوات التي تساعد على تجميع هذه المدخلات وتحويلها الي إلكترونية بمجرد وصولها الي المنشأة ومن ثم إدخالها الي نظام إدارة المحتوى لتكون جزءا من العمليات المؤتمتة فلا يمكن مثلا أن نقبل بأن تظل الفاكسات تصل ورقيا الي المنشأة دون معالجتها إلكترونيا إذا أردنا أن نتجه الي تقديم خدمات إلكترونية ، وأهم الأنظمة التي تساعد في ذلك أنظمة الإدخال الكمي Capturing Tools والتي تعمل على معالجة المستندات الورقية والفاكسات بحيث يتم مسحها وتحسينها وفهرستها وتحويلها الي مستندات إلكترونية أو حتي نصوص يمكن تحريرها من خلال تقنيات القراءة الأية OCR ويضا أنظمة إدارة التقارير Report Management حيث تتوافر الأدوات الملائمة لتجميع التقارير التي تنتج عن الأنظمة العاملة في المنشأة وتحويلها الي مستندات إلكترونية بدلا من تداولها ورقيا هذا عدا عن الأنظمة المتعلقة بالنماذج الإلكترونية eForm والتي يمكن إستخدامها بفعالية كبديل عن الورق في تجميع المعلومات أو تقديم الطليات والتي تعتبر اساسية لأي عملية نود أتمتتها.
3-أنظمة إدارة المحتوى Content Management
تهدف هذه الأنظمة بالأساس الي إنشاء مستودع واحد مركزي لجميع لمحتوى في المنشأة ضمن بيئة أمنه حيث لا يمكن لأي منشأة حكومية أن تكون مستعدة لتقديم خدمات إلكترونية إن لم يكن لها سيطرة مباشرة وتحكم بكافة أنواع المحتوى والمستندات داخل المنشأة. فلا يمكن أن تقوم حكومة إلكترونية إن كانت المستندات متناثرة هنا وهناك دون سيطرة أو حتي دون علم بوجودها. لذلك يجب أن تسعي أي منشأة حكومية أو حتي خاصة لإنشاء وإدارة مستودع واحد ومركزي للمحتوي يحوي كافة أنواع المحتوي من مستندات ورقية وإلكترونية وملفات الملتيميديا وحتي المعلومات المخزنة في الأنظمة الأخري لدي المنشأة وذلك ليسهل الوصول اليها من قبل الجميع وليسهل إيصالها للمتسفيدين دون عناء.ويمكن أن يتم ذلك من خلال مجموعة من الأنظمة والأدوات المتكاملة فيما بينها والتي تعد جزءا من من أنظمة إدارة المحتوى الشامل كأنظمة إدارة الوثائق Document Management وأنظمة إدارة الوسائط المتعددة Digital Asset Management وأنظمة التخزين Storage Management وأدوات التشارك بين الموظفين الذين يقومون على إعداد المحتوى Collaboration وأدوات التكامل مع الأنظمة الأخري التي تعمل على الربط مع المعلومات التي لا يمكن تخزينها في المستودع الرئيسي أو لجعل المستخدمين يعملون على تلك النظمة من خلال أنظمتهم التقليدية التي إعتادوا عليها كالـ MS Word مثلا.
4-أنظمة معالجة وإدارة التعليمات والأنظمة والمعاير Compliance Management:
قد يغفل الكثيرون عن ذلك لكنها تعتبر جزءا أساسيا من الحكومة الإلكترونية. فكما أن التعليمات والنظم والسرية تحكم عملنا اليدوي فإنها يجب أيضا أن تحكم عملنا الإلكتروني ليصبح قانونيا متوافقا مع المعاير والأنظمة الحكومية أو العالمية التي تتحكم بالمستندات والمحتوى ومعاير الأمان والسرية الخاصة بكا منشأة والتي يجب أن تطبق على تعاملاتها الإلكترونية خصوصا أن المنشأة في ظل الحكومية الإلكترونية تتعامل مع العالم الخارجي بشكل إلكتروني دون تدخل بشري. فلا يكفي أن تكون إلكترونيا فقط بل وقانونيا أيضا.
وحتي يحدث ذلك فلابد أن تتوفر الأنظمة والأدوات التي تساعد على تعريف القوانين والأنظمة والمعاير والتعليمات والسرية والأمان بشكل مرن وتطبيقها بشكل ألي على كل من التعاملات الإلكترونية والمستندات بحيث تصبح مرافقة لها بشكل تلقائي دون تدخل بشري فتضفي عليها صفة القانونية. وتشمل تلك الأدوات أنظمة الحماية والتشفير Security and encryption toolsوالتوقيع الإلكتروني Digital and electronic Signature وإدارة السجلات الإلكترونية Record management والتي تعمل على تحويل المستند الإلكتروني الي مستند قانوني بعد إنتهاء دورة العمل الخاصة به ونظم وإدارة مستودعات الوثائق (الأرشيف الورقي والإلكتروني) وإدارة حقوق التأليف Right Management والتي تعمل على الإحتفاظ بمعاير السرية لوثيقة حتى لو خرجت من المنشأة الي الخارج.
5-أنظمة إيصال المعلومات والخدمات Delivery systems:
تسعي هذه الأنظمة الي تحقيق الهدف الرئيسي من كل ماسبق ومن الحكومة الإكترونية بشكل عام ألا وهو توفير وإيصال الخدمات والمعلومات بشكل سهل للمستفيدين: حيث بدون ذلك فلا فائدة لكل التقنيات والأنظمة مهما كانت متطورة لأن وصول الخدمة والمعلومة هو الأساس والهدف الذي نسعي له في الحكومة الإلكترونية وتمثل المخرجات الأاساسية للعمليات المؤتمتة.
وأهم الأدوات والنظم المستخدمة في ذلك البوابات الإلكترونية Portails والتي تعمل على إيصال الخدمات المؤتمتة للمستفيدين منها وأنظمة النشر الإلكتروني وأدوات إدارة المواقع الإلكترونية Web Content Management والتي تعمل على وضع المعلومات والمستندات (القانونية) أمام تصرف المستفيدين وفقا لحاجتهم وصلاحياتهم.وأنظمة البحث Searching خصوصا البحث المتقدم باللغة العربية الذي يساعد في النهاية على وجود نقط ةوصول واحدة للبحث عن المعلومة أو الخدمة من قبل المستفيدين بغض النظر عن مصدرها هذا عدا عن أنظمة الإتصال الهاتفي IVR والرسائل القصيرة SMS ونحوها والتي تعمل جميعا لتحقيق ذات الهدف.
لقد خرجنا من مفهوم إدارة المحتوى ليكون حلا لوحده الي نطاق أعرض من ذلك يدمج بين إدارة المحتوى وإدارة أتمتة العمليات بشكل متكامل ليوفر حلا عمليا للمشاكل الحقيقة لكل منشأة حسب نوعها ويساعدها على الدخول الي الحكومة الإلكترونية بقوة وتقديم خدمات إلكتونية متميزة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي