المرأة السعودية و الغرفة التجارية

سامية الدروبي

زرت قبل فترة قسم السيدة خديجة بنت خويلد في الغرفة التجارية بجدة،استحدث هذا القسم النسائي بالغرفة قبل سنوات لمجابهة بعض المعوقات أمام سيدات الاعمال،ثم حدث أن تواجدت المرأة في الغرفةالتجارية كعضوة في مجلس ادارتها ، مما حدا بالقسم النسائي للتوجه الى خدمات أخرى . قامت بمرافقتي ( نادية العمودي ) و ( نورة التركي ) ، حيث أطلعاني على الخدمات الكثيرة التى يقوم بها القسم النسائ للغرفة في شرح مفصل وجميل استمتعت به كثيراً ، وقمن بتعريفي على دور القسم في كثير من الخدمات التي تهم المرأة ، وعلى حملات مساندة للكشف المبكر عن سرطان الثدي ، وعلى مشروع المجلة الالكترونية التى تضم معلومات تهم كل من يريد أن يبدأ أي عمل تجاري. وقد نظن أن هذه الخدمات تهم شريحة بسيطة من مجتمعنا ، ثم حين نتعرف على دورها عن قرب ندرك مدى جهودهن المبذولة ، ومدى توسع تلك الخدمات في حل عقبات ومشكلات كثيرة ، والاهتمام بها والعمل على تجاوزها ، منها على سبيل المثال العمل على اصدار قانون التوكيل للمرأة ، ومنها حماية المرأة التى لا سابق معرفة لديها عن قانون التوكيل ، ومنها قانون التحرش بأنواعه المختلفة ، ومنها مساعدة طالبي أي معلومة تختص بالدورات والسوق والدراسات .
أطلعنني أيضا على حالة الأرملة أم محمد التي نالت لقب ( سيدة أعمال ) ، أم محمد تملك بسطة في سوق شعبي معروف. بدأت تجارتها بألف رياال والأن تطورت حتى أصبحت تستورد من الخارج ، رغم هذا لا يحق لأم محمد أن تستأجر دكانا في هذا السوق !
طموح أم محمد أن تفتتح ورشة ميكانيكا ، العلم الذي ورثته عن زوجها ، والتي تريد أن تنقله لأبنائها وأبناء الحي ،
لكن أيضاً الأنظمة لاتسمح !
وبما أنه كثُر في الأونة الأخيرة الحديث عن عمل المرأة ،والعقبات والتحديات ، كنت أتعجب لما يحدث ! وبما أنني ولدت لأم تعمل ، لهذا فعمل المرأة لم يكن شيئاً غريباً في نظري يستحق كل هذا الضجيج ، لكنه كان في الأغلب مقصوراً على العمل في مجتمع نسائي بحت ، ثم استجدت مجالات عمل لم تكن ميسرة للمرأة من قبل ، خصوصا مع مراحل النمو والتطور مما أصبح لزاما عليها أن تشارك كي تتغلب على عقبات كثيرة تجابهها في مختلف نواحي الحياة .
وتبين لي أن مشكلة عمل المرأة ليست خاصة بالمرأة السعودية ، بل هي تعم جنسيات عديدة نظراً لوضع المرأة الخاص بها ، حيث يُطلب منها أن تثبت جدارتها فيما أسند اليها من أعمال أكثر مما يطلب من الرجل ، لأن وجودها في مكان العمل يعتبر تحدياً كبيراً لها خصوصا إن كانت أماً أو تعيل عائلة .
ولازال التساؤل يلح ، لمَ يرفق عمل المرأة بكل تلك العقبات والاشكالات ؟ رغم أنه كما هو معروف عنها من سيرة النبي عليه السلام وأصحابه الكرام أنها كانت ترافق الجند في الحروب، وقد تحارب معهم أيضا إن احتاج الامر ، وعملت بالحسبة كأول وظيفة اشتهرت بها ، وجمعت الأحاديث ونشرتها وعلّمت غيرها رغم وجود الصحابة الكرام رضوان الله عليهم حيث قال عليه الصلاة والسلام موجهاً لهم : ( خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء ) .
ولنا أيضاً في السيدة خديجة رضي الله عنها أسوة حسنة حيث كانت تتاجر بمالها ، هذه الدلائل وغيرها تشير الى أن عمل المرأة ليس شيئاً مستجداً ولا أمراً مستحدثاً ننظر له بكثير من الغرابة ، ولا يجب أن يُحمّل مالم يَحْمِل طالما أنها تلتزم بحدود ماشرّع الله . لكن رغم هذا لا زالت تجربة عملها كبائعة يُنظر اليها بكثير من عدم الجدية لأن الامر يتطلب كفاءات محددة ، وكونها بائعة في مكان ما فهذا يعني توجه خاص واهتمام محدد بالمشتري وسلوك مدروس ، يوحي أنها لا تتجاهل المشتري ولا تتكرم حين تعرض عليه مايبحث عنه ، قد تكون نجحت في هذا بعض المحلات التجارية ، لكن هناك محلات تعاني من كون البائعة لا تعلم ماهو مطلوب منها تماماً أو كيفية القيام به لانعدام الخبرة ، مما حدا بشركة من الشركات الكبرى القيام بتدريب مجموعة كبيرة من الفتيات على مهارات فن البيع حتى تكون البائعة على علم بما هو مطلوب منها ، وهذا الامر سيكون مريحاً كثيراً لأي امرأة حين تسأل عما تحتاجه دون حرج ، وخصوصاً إن وجدت بشاشة وحماس وحياد ومعرفة من الفتيات العاملات .
وأخيراً ماذا تريد المرأة من الغرفة التجارية ؟
أن تتوصل الى دراسة واضحة ومساندة لعمل المرأة في كافة مجالاته ، ومعرفة كل العقبات وكيفية تذليلها ،وابداء الرأي فيما يتعلق بجوانب العمل ايجابياته وسلبياته للمبتدئات اللواتي لا يدركن حجم المغامرة ،
وتهيئة المراة لدور فعّال في المجتمع بعيداً عن أي تصورات مسيئة للمرأة كونها تعمل عموماً ، وكونها تعمل في مجتمع رجولي خصوصاً،
ونشر صورة مضيئة عن المرأة السعودية التي أثبتت جدارتها وقدرتها على التوازن في الارتباط بالأصل والاتصال بالعصر ،
كما نتمنى من جهات أخرى أن تتبنى مبادرات لتفعيل نصف المجتمع للقيام بدورهن المأمول لهن كما يجب .

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي