مساكن أفضل مع "كود البناء"؟!
تطالعنا الصحف من حين إلى آخر بأخبار الأعمال التي تقوم بها اللجنة الوطنية لكود البناء منذ أكثر من سبع سنوات، وبعد كل هذه السنين لا نزال في انتظار ظهور كود البناء السعودي! ولكن ما هو كود البناء؟ وما أهميته؟ لقد ظهرت الحاجة إلى كود للبناء نتيجة لعدد من الحوادث التي حصلت للمباني والمساكن (مثل: الحرائق، أو الزلازل، أو غيرها) التي أدت إلى تدهور المنشآت وسقوطها. ومن أشهر الأمثلة لبداية ظهور قوانين الكود أنه تم منع تشييد المساكن بالخشب في لندن بعد الحريق الهائل الذي حصل في عام 1666م. وقد كانت قوانين الكود في بدايتها تجريبية، ثم تطورت مع مرور الزمن حتى تبلورت بشكل واضح وهوية مميزة في بداية القرن الـ 20 الميلادي معتمدة على التطورات الحاصلة في علم القياس وتطبيقاته التجريبية والمختبرية.
وكود البناء الحديث يعد وثيقة تحتوي على مجموعة من القوانين والنظم الإدارية والفنية التي تهدف - بشكل رئيس - إلى اشتراط أدنى مستوى مقبول من الراحة والسلامة والصحة العامة لمستخدمي المباني بشكل عام والمساكن بشكل خاص، وتحديد أدنى المتطلبات الخاصة بالتصميم، ومواد البناء المستخدمة، وطرائق الإنشاء المطبقة التي توفر الحماية من الأخطار الطبيعية أو الحوادث الأخرى. ويعد استخدام الكود أداة فاعلة لضبط عملية تصميم المباني والمساكن وتشييدها، ويؤدي تطبيقه إلى ضمان توفير مبانٍ ومساكن آمنة لمستخدميها، وذات مستوى مقبول من الراحة تتحقق فيها احتياجاتهم الأساسية، كما تتصف بمستوى محدد من الجودة. فكود البناء أداة فاعلة لبناء مساكن آمنة ومريحة تتوافر فيها الجودة المنشودة ومستوى الأداء المطلوب.
إن تطبيق كود البناء عند تصميم المساكن وتنفيذها يعد من الأمور اللازمة في المملكة، فالأساليب المتبعة في تصميم المساكن وتشييدها في وقتنا الراهن لا يحكمها إلا القليل من الضوابط التي تكاد تخلو من متطلبات الأمان والصحة والجودة؛ لذلك يلزم العناية بتوعية المجتمع بأهمية تطبيق كود البناء خصوصاً في قطاع الإسكان، وما سيحققه لهم من فوائد وإيجابيات عند استصدار رخص البناء، وخلال عمليات الإشراف أثناء التنفيذ، وعند منح شهادات الانتهاء من عمليات التشييد. ونتيجة لذلك سيرتقي مستوى المساكن من حيث النوعية، مع توافر وسائل السلامة والراحة للساكنين. ومع أن تطبيق الكود قد يؤدي إلى رفع التكلفة الأولية للتنفيذ إلا أنه سيوفر كثيرا من المال والجهد على المدى الطويل.
برقية مهمة وعاجلة: إن استكمال كود البناء السعودي واعتماده والإسراع بنشره وتطبيقه يعد في غاية الأهمية، نظراً لما تشهده المملكة من حركة بناء كبيرة غالبيتها في القطاع الإسكاني، وهي ما ستنتج للسوق المئات بل الآلاف من الوحدات السكنية المشكوك في جودتها، كونها لم تخضع لضوابط كود البناء، أما تنفيذ مباني الشقق السكنية دون الالتزام بالحد الأدنى لاشتراطات كود البناء فإن سلبياته تتعدى تدني مستوى الجودة لدرجة أنها قد تهدد حياة السكان وسلامتهم.