كيف سيذكر التاريخ بوش!

هناك من يظن أن بوش مجنون وناقص الأهلية وفيه ضرب من العته الخفيف ومدمن سابق وفاشل دراسة ومجرم حرب، ولكن بوش وأوباما وكلينتون وجونسون هم إفراز ثقافة أهم ما فيها قدرة التغيير والفاعلية، فالرجل بعد فترتي حكم ذهب لبيته دون انقلاب عسكري ولا محاولة اغتيال أو تآمر حرس القصر لوضعه تحت الوصاية أو الحكم عليه بالخرف ونقص الأهلية والإصابة بداء باركنسون والزهايمر.
وقريبا قد نرى وجهه غير المحبوب بين بقية سلالة من رؤساء أمريكا يقفون بجنب بعضهم بعضا وكلهم شاخ، وكلهم على قيد الحياة يرزقون..
حقيقة إنني أتذكر كلمات توينبي التي نقلها عن سفير الإمبراطورية النمساوية الهنغارية في البلاط العثماني يوما حين قال حسدت الأتراك. وهو يذكر هذه الكلمات أن ما تميز به العثمانيون عنايتهم بالكفاءات، في حين يقول السفير إنهم في النمسا يعتنون بالحصان والباشق.
نعم هذه القدرة المذهلة في التغيير والتحويل والتبديل، وهو ما سمعته مرة في محاضرة رياض الترك في مونتريال عن سفر الخروج من نفق الديكتاتورية، حين نهض أحد الحاضرين وقال: رجاء أريد التغيير فقد مللنا وسئمنا الوجوه من أربعين سنة.
خلال ثماني سنوات يستطيع بوش أن يحكم مرتين ثم يذهب لبيته معززا مكرما محترما، وعندنا سبع سنوات عجاف؛ فسبع سنوات عجاف؛ فسبع عجاف، بدون سنوات سمان أبدا إلى الأبد كما هي في الهتافات، فيجب النظر للمٍسألة من هذه الزاوية علنا نفهم أين نحن وأين هم.
هم يعيشون بالكفاءات وامتصاصها من كل أنحاء العالم، ونحن تتبخر من عندنا الكفاءات لتهرب إليهم، ونحن في العالم العربي نعيش بالوساطة والرشوة والعلاقات، أكثر من الكفاءة والقدرات، وحين أسافر لكندا أو ألمانيا أعرف أن هذا من أسرار وقتهم، وتفوق إسرائيل الحالي هو بسبب أنهم من هذا الجنس المتفوق الأوروبي فهم من خطط وبنى وحصد وجمع ونظم وأقام دولة بين صهيون حتى حين، فأحدنا إن أراد أن يصلح عطلا بسيطا استنفر له الإمكانات والاختصاصات والأموال فكيف ببناء دولة في وسط معاد مطوقة رهبا ورعبا.
وبوش سوف يذكر اسمه مربوطا بأحداث أيلول (سبتمبر) سواء ظهر بعد خمسين سنة أنها كانت مفبركة أو كانت فعلية أو بينهما، فهذا لا نعلمه الله أعلم به والأراشيف السرية المخبأة حتى يوم الحقيقة.
وسوف يرتبط اسم بوش بالتهام العراق مثل فطيرة محشوة بالزبيب، وهو يلتهم ديكا روميا قدم له في عيد الشكر .. جزاء أتعابه.
وسوف يرتبط اسم بوش بأفغانستان وتورا بورا وتدمير طالبان وصعود نجم إيران.. في تناقض عجيب أو تدبير خفي.
وأخيرا في مباركة هولوكوست غزة مع برد شتاء 2009م.
وهكذا افتتح بوش عصره بالكارثة وأنهاه بالهولوكوست، وكل له من اسمه نصيب فهو بوش.
وفي النهاية سوف يذكر من الأذلين الذين صفعهم حذاء ولعنة. يقدم قومه يوم القيامة، وبئس الرفد المرفود.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي