واغتنى الزوج بعد فقر..!
ليس أسوأ من أن يتخلص أحدنا من ماضٍ تعيس صارع سنواته بمرارة حتى تمكن من التغلب عليه أو الهرب منه على أقل تقدير, ثم يُقدر له أن يكتشف بعد كل ذلك أن ماضيه الكالح يمدد ساقيه على عتبات حاضره مطالباً بحصته من الأرباح.. هذا بالضبط ما يمكن قوله عن فحوى الخبر الذي نشرته "الاقتصادية" أمس الأول وتضمن تصريحاً من أكاديمية سعودية هي الدكتورة نوال العيد، أشارت فيه إلى أن وزارة العدل تبحث حاليا في قرار يفيد باقتطاع جزء من مال الرجل الذي طلق زوجته و"اغتنى بعد فقر"، ومنحه إلى الزوجة في حال الطلاق، وذلك مقابل السنوات التي قضتها معه وقت فقره، وتحملها أعباء الحياة، بحيث يقدر المال بما يتناسب مع عطائها.
إن المسوغات التي ساقتها الدكتورة أعلاه تظهر تعاطفاً مع المرأة المطلقة وتصورها كضحية للزوج (قليل الخاتمة)، بل تقفز إلى جعلها شريكة له في ماله لأنها حصلت على فرصة الزواج به أيام الفقر.. لكن ماذا إن كانت تلك الزوجة سبباً في تعاسة الرجل الذي ظل طوال سنوات متحملاً أذاها وعندما تعب وبذل كل جهده في سبيل تحسين وضعه المادي هرب من جحيمها؟!
هل يحق لزوجة كهذه أن تلاحق رجلاً نفد بجلده من شرورها لمجرد أنه اغتنى بالتزامن مع وجودها في دفتر العائلة الخاص به!
لطالما تحدثت عن كثير من الآراء المتطرفة التي تصطف بجوار المرأة ضد الرجل لمجرد أنها امرأة.. مع أن الفارق بينهما فسيولوجي لا أكثر , لكنها ثقافة المطالبة بحقوق المرأة التي تضع الرجل في إطار الإدانة قبل المحاكمة, مع أن الإدانة هنا لم تعد إدانة لفظية والحكم لم يعد حكماً معنوياً بل بات حكماً مادياً يطمح لمصادرة حق الرجل في الحياة التي يريد وجزء من ماله أيضاً.
إن أغلبية النساء في مجتمعاتنا العربية يتصورن أن الطلاق ليس سوى اعتداء غاشم عليهن ولا يمكن أن يتفهمن أنه مجرد قرار لوقف عملية شراكة خاسرة, وهذه هي الكارثة.. فلربما كان الطلاق ينطوي على مكاسب للطرفين, لكن من يستطيع إقناعهن بذلك في ظل الأعراف الاجتماعية السائدة ؟!
لنتخيل أن رجلاِّن تشاركا في محل لبيع المواد الغذائية مثلاً لعدة سنوات، لكن أحدهما شعر منذ البداية بأن المشروع سيكون فاشلاً وسيتكبد كثيرا من الخسائر في نهاية المطاف, فقرر أن يفتتح محلاً آخرا خاصاً به دون أن ينسحب من الشركة على أمل ضئيل بأن تتحسن أوضاعها, لكنها خسرت بينما ربح محله الخاص واستطاع أن يفتتح سلسلة من المحال من أرباحه وعندها فقط قرر فض الشراكة الخاسرة.. هل يحق هنا لشريكه في ذلك المحل الخاسر أن يطالبه بجزء من أرباحه الناتجة عن تجارته الخاصة؟!
طبعاً ليس من حقه ذلك, بل إن الجميع سينظرون إلى الشريك الخاسر كحاسد أحمق, وهذا المثال يشبه إلى حد ما المطالب العاطفية المنحازة للمرأة، التي تحدثت عنها الدكتورة نوال.
بقي أن أقول إن القانون كفل للمرأة التي اغتنى زوجها من (مالها الخاص) ثم ألقى بها على قارعة الطريق ظلماً وعدواناً الحق في مقاضاته لاستعادة ما سلبه منها في حال وجود الأدلة والعقود على ذلك, أما إن كان الرجل قد اغتنى من مال الله, وتخلص منها لأنه لم يعد قادراً على مواصلة الحياة معها فلا يوجد أي مبرر منطقي يسمح لها بأن تطالبه بقرش واحد.. وأنصح كل رجلٍ مر بتجربة كهذه بأن يقرأ سورة (الفلق) يومياً مع قهوة الصباح، والله خير الحافظين!