الممرض السعودي على قائمة انتظار التوظيف

أثار الخبر الذي نشر عن تقارير فلبينية وضحت أن السعودية تحتاج إلى ما بين 50 إلى 60 ألف ممرض وممرضة خلال الأشهر الستة المقبلة، مشيرة إلى أن مسؤولين من مدينة الملك فهد الطبية موجودون في مانيلا حاليا لإجراء مقابلات شخصية مع المتقدمين للوظائف. وقال مسؤول التوظيف المحلي في مانيلا ليتو ساريانو إن المسؤولين السعوديين يسعون لتأمين الممرضين بشكل عاجل، مشيرا إلى أنه لا يمكنهم توفير أكثر من خمس العدد المطلوب. وأضاف أن مدينة الملك فهد الطبية تعاقدت مع خمس وكالات توظيف في وقت واحد للبحث عن ممرضين بشكل عاجل. وقال إن الممرضين الذين سيتم اختيارهم سيعملون لعدة جهات في المملكة منها وزارة الصحة ووزارة الدفاع. وتسعى المملكة، حسبما صرح ساريانو، إلى التعاقد مع فنيين في عدة مجالات كالأشعة والتنفس الصناعي وغيرها.
هذا الخبر مهم ومؤلم ومخيف في الوقت نفسه لأنه ببساطة يسقط حق خريجي فنيو تمريض على قائمة انتظار التوظيف في وزارة الصحة منذ ثلاث سنوات بطرح وظائف مهنية تتناسب ومؤهلاتهم العلمية.
ويلتمس الفنيون الذين تقطعت بهم السبل منذ سنوات رغم حصولهم على شهادات متخصصة في التمريض، واجتيازهم لاختبارات هيئة التخصصات الصحية بنجاح، تحرك الجهات المسؤولة في البلاد لإيجاد فرص وظيفية في المستشفيات والمراكز الحكومية التابعة لوزارة الصحة. فكما نشر منذ فترة في العديد من صحفنا اليومية أن هؤلاء الفنيون قد تكبدوا مبالغ مالية كرسوم دراسية للمعاهد الصحية الخاصة التي تخرجوا منها، في وقت كانت تدعي فيه تلك المعاهد ضمان وظائف لخريجيها، لكن سرعان ما تبخرت تلك الادعاءات. وهذه الادعاءات تعيدنا إلى وعود جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والأكاديمية لخريجي دبلوم اللغة الإنجليزية التي رغم إصدار حكم قضائي لصالحهم ولكن الجامعة لم تنفذه!
وحسبما نشر من تحقيق صحافي مع خريجي فنيو التمريض نجد أنهم يوضحون أنه حتى طلبات توظيفهم على برامج مؤقتة في المستشفيات الحكومية قوبلت بالرفض، ولتأمين قوت معيشتهم اليومية التحقوا بوظائف بائعين في مراكز تموين وموظفي حراسات أمنية مقابل مرتبات متدنية لا تتجاوز 1500 ريال شهريا دون تأمين صحي أو بدلات أخرى، في حين يظفر آلاف الممرضين والممرضات الأجانب بمرتبات عالية جدا في مستشفياتنا الحكومية.
وذكروا أن ملفاتهم مازالت متكدسة في شؤون التوظيف في وزارة الصحة!! والآن نجد الوزارة تبحث عن غير السعوديين كي يتم توظيفهم في وظائف كان هؤلاء الخريجين الأحق بها!!
قد يقال إن هؤلاء غير أكفاء لهذه الوظائف. سنجد أنهم يذكرون أنهم تكبدوا مبالغ مالية مقابل رسوم دراسية إبان دراستهم على حسابهم الخاص على أمل تأمين وظائف تضمن لهم الاستقرار والأمان الوظيفي، وأضافوا أنهم اجتازوا بنجاح اختبار هيئة التخصصات الصحية، وتخطوا فترة التدريب على رأس العمل، وتنازلوا عن المستوى الوظيفي الذي يستحقونه، ولم يظفروا بوظائف تمريض.
وهنا دعونا نسأل المسؤولين عن هذا الوضع في وزارة الصحة والجهات ذات الاختصاص, لماذا نجد أن هناك ممرضين أجانب، والخريجون في هذه التخصصات على قوائم انتظار التوظيف منذ ثلاث سنوات؟ بل إن بعضهم التحقوا بوظائف بائعين في مراكز تموين وحراس أمن في مراكز تجارية بمرتبات متدنية جدا، وذلك لتأمين متطلبات الحياة المعيشية التي التهبت الأخرى مع ارتفاع الأسعار الذي طال جميع السلع الاستهلاكية. وهم ينتظرون تجاوب الوزارة. والآن نجد أن هذا الانتظار سيصحب إلى الأبد إذا ما عاد المنتدبون إلى مانيلا لاستقدام 60 ألف ممرض وممرضة كان في الإمكان توظيف هؤلاء السعوديين فيها وإذا كان هناك احتياج إلى مزيد من تطوير كفاءتهم فلماذا لا يتم ذلك؟ أليس من حقهم الاستثمار في كفاءاتهم بدلا من استقدام هذه الأعداد؟ خصوصا أن التقرير من مانيلا يوضح أن هناك صعوبة في توفير هذا العدد مما يعني أنه قد يتم استقدام من هو غير كفؤ وكما هي العادة نقوم بتدريبهم في مستشفياتنا!!
بجولة علي شبكة الإنترنت وهي المتنفس لهؤلاء المظلومين وجه الشاب عبد الكريم العسيري رسالة إلى وزير الصحة بصفتها الجهة المعنية بهذه القضايا تعليقا على هذا الخبر الصاعقة يذكر فيه أنه يحمل دبلوم الأشعة بمعدل 4.95 وشهادة التصنيف المهني من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية وقال الشاب عبد الكريم العسيري في رسالته التي ووجهها إلى وزير الصحة الدكتور حمد المانع ووصلت "سبق" نسخة منها" إن مثل هذا التوجه يعد كارثة بكل ما تحمله الكلمة". وتحدى عبد الكريم أي فني من الجنسية الفلبينية أن يعمل كما قال "ذهبت لمستشفى عسير المركزي وقدمت أوراقي على برنامج التشغيل الذاتي غير أنه حصل تلاعب في ملفي, حيث أوضحوا لي أن أوراق الاعتماد أتلفت وهمسوا في إذني قائلين إن الفلبيني يتقاضى راتبا مقداره 1800، أما السعودي يكلف". وتمنى الشاب من الوزير الإنصاف قليلا "وأن نعامل في توظيفنا مثل الأجنبي" وختم رسالته للوزير قائلا: "هل وصلنا إلى مرحلة أن نترجاكم ونتوسل إليكم".
أنا أعتقد أن هناك خللا في آلية توظيف الشباب السعودي, وإصرار على أن تكون هذه الآلية (معضلة ليصعب حلها) فرغم الادعاءات أن الشباب السعودي يرفض العمل في هذه الوظائف أو سواها مما يقال إنها لا تناسبهم كما يدعون افتراء على شبابنا، مما حدا بوزير العمل أن يرتدي لباس بائعي أحد مطاعم الوجبات السريعة وهو من المطاعم الأجنبية!! وشاركه في مهرجان التجربة بعض المسؤولين ونشرت الصحف هذه الصور التي بصدق وبموضوعية كانت مثار استغراب وليس إعجابا خصوصا بين الشباب! حتى أني سألت طالباتي رأيهن حولها وهل في رأيهن أنها ستشجع إخوانهن على العمل في هذه الوظائف؟ تضاحكن وذكرن تعليقات تنم عن وعي بأسباب البطالة ووسائل مواجهتها بعيدا عن هذا الاستعراض الذي قد يمتدحه البعض!
إن شبابنا هم مخرجات كلياتنا ومعاهدنا فإذا كان هناك خلل في تأهيلهم فهذا يعني أن هناك قصورا في دور الوزارة والجهات المسؤولة عن متابعة هذه المعاهد والكليات خصوصا أن معظمهم أصبحوا يلتحقون في المعاهد الصحية على حسابهم الخاص رغبة في الحصول على وظائف تحجب عنهم بعد التخرج ويظفر بها آلاف الممرضين والممرضات الأجانب بمرتبات عالية جدا في مستشفياتنا الحكومية, هنا ألا يحق لنا أن نتساءل: ما السبب في حدوث هذا؟ هل شهاداتهم غير معترف بها؟ وإذا كانت كذلك، لماذا لا تؤهلهم وزارة الصحة أو الجهة المسؤولة عن المعاهد على حسابها أو تحاسب هذه المعاهد على تقصيرها في التأهيل ثم تزودها بما يحقق لهؤلاء الخريجين الكفاءة ليتم توظيفهم والاستفادة منهم وإفادتهم، فهم أبناء الوطن والأحق بخيراته بل الأهم الأحق بخدمته .
في السابق كنا نسمع من المسؤولين، عدم رغبة السعوديين والسعوديات بمهنة التمريض واليوم انتفى هذا السبب. فهؤلاء الخريجون ينتظرون التعيين والجهة المسؤولة تدير ظهرها لهم وتتجه إلى مانيلا!
فمن المستفيد هنا هل هو الوطن وشبابه الباحثون عن مكان لهم في عملية البناء؟ أم القادمون من الخارج بمعتقداتهم وثقافاتهم؟ ولا نجزم أنهم (جميعا) قد يتميزون بكفاءتهم, فالنماذج في مستشفياتنا ليست كما يتم إقناعنا به!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي