السعر العادل للسهم.. من يحكم المسألة يا هيئة سوق المال؟
ما من أحد يختلف على أن سوق الأسهم السعودية في هذه الفترة لا تحتمل أي تصريح أو تلميح أو قرار يتعلق بهيكلها التنظيمي أو حتى هيكلها التقني، فهي في حالة (عدم استقرار) منقادة فيها لأوضاع أسواق المال العالمية، حتى إن كثيرا من المحللين والمراقبين يرفعون مطالبهم في سكون القرارات في هذه الفترة إلى وقف الاكتتابات الأولية.
هذا فيما يتعلق بالجوانب أو القرارات المرتبطة بالجهة الرسمية المسؤولية عن السوق وهي هيئة سوق المال، لكن ماذا عن جهات أخرى وأعني هنا الشركات والمؤسسات (وبعض المحللين) الذين يجدون في سوق الأسهم السعودية بيئة مناسبة لإشهار شركاتهم أو اختبار قدراتهم التحليلية. ونقصد تحديدا تلك الموجة من التقييمات التي تسمى عادلة لأسعار أسهم الشركات المدرجة في السوق. فعلى سبيل المثال، العام الماضي 2008 وحده شهد 115 تقييما للأسهم السعودية صادرة من 19 شركة مالية، وما كان لهذا الكم من التقييمات أن يحدث لو لم تجد تلك الشركات مسوغا ربحيا أو مصلحيا فيها، وقد يكون بين تلك التقييمات ما هو تحليل مالي فعلي لكن بالقطع ليست كلها، والربح والمصلحة من هذه التقييمات، تتم إما من الشركة المقيمة في مساع لصناعة اسم في السوق المحلية أو قد تكون بإيعاز من الشركة صاحبة السهم لدفع سهمها للارتفاع في السوق، وبالتالي تنتفي العدالة هنا ولا يكون السعر عادلا بل (سعرا مستهدفا).
عند نشوء هيئة سوق المال ومع بناء هيكلها التنظيمي الذي تزامن مع فورة سوق الأسهم المحلية وتزايد عدد المتعاملين فيها عن طريق التداول أو الاكتتابات الأولية، سنت الهيئة قانونا يحظر التقييمات لغير الجهات المرخصة من الهيئة وهو قرار يتماشى مع المساعي لتحويل السوق إلى العمل المؤسسي وحقق نتائج إيجابية ملموسة للمتعاملين الذين كانوا (يتورطون) في التوصيات المنتشرة في بعض المطبوعات أو على المواقع الإلكترونية. والآن وبعد أن بلغ عدد الشركات المالية المرخصة من الهيئة قرابة 100 شركة أو أكثر، والنظام يتيح لها تقييمات الأسهم، أي أن عدد هذه الشركات تجاوز عدد الأفراد الذين كانوا يمارسون هذا النشاط دون تراخيص، نقول الآن هل ثمة قرار إضافي من هيئة سوق المال حول هذه التقييمات التي تنعكس بعض تقييماتها تلقائيا على سعر السهم، وهو أمر نعلم أن الهيئة ليست غائبة عن ملاحظته وملاحقته. الأخطر في الأمر أن المتعاملين (وتحديدا فئة الصغار منهم) تأخذ هذه التقييمات على جانبها الرسمي استنادا إلى أن تلك الشركات مرخصة رسميا وبالتالي فإن تلك التقييمات تدخل ضمن نشاطها المرخص، والأمر بالتأكيد ليس كذلك. هل من الممكن أن يضاف إلى رخص الشركات المصدرة من الهيئة رخصة لتقييمات الأسهم تمنح على أساس فريق عمل الشركة ومدى أحقيتهم الفنية والمالية بإصدار تلك التقييمات؟ ربما يكون مثل هذا الأمر غير مقبول، لكن المقبول والمطلوب أن تمارس هيئة سوق المال حقها في حماية السوق.