مقصرون.. ولكن لسنا فاشلين!!

نعترف نحن معشر المعلمين بأن هناك قصوراً في جوانب عديدة لدى بعضنا، ونقر بأن كثيرين منا يدرسون بطريقة المحاولة والخطأ حتى يكتسبون خبرة، بل نكاد نجزم بأن الميدان التربوي هو المدرب الأول لنا ولا يكاد غيره، بل إن بعضنا لا يجيد أبجديات التعامل مع الحاسب الآلي أو كيفية تشغيله حتى.
كتب الدكتور سعيد العضاضي ("الاقتصادية" 24/12/2008م) ما نصه: "أين هذا البرنامج (تطوير) من تدريب المعلم وإعادة مكانته إلى سابق عهدها؟ فقد أصبحت وظيفة المعلم من أوهن المهن بسبب تسلل الدخلاء على التعليم من غير جلدته وأصبحت وظيفة المعلم مهنة من لا مهنة له، فمن لم يجد ما يقتات به فما عليه سوى التوجه إلى قطاع التعليم لأنه مرتع لكل عاطل وفاشل ومتسيب".
طبعاً لم يكن يقصد الدكتور سعيد العضاضي - سلمه الله - التعميم بل أزجى الشكر لعديد من الجهابذة والنوابغ من المعلمين الأجلاء، وصدقوني أن كثيراً منا قد وافقه الرأي تماما، ومنا من وافق على مضض، ومن لم يوافقه هز رأسه إيماءً وحسرة لما حدث ويحدث.
مشروع ضخم وكبير مثل (تطوير) وبمليارات الريالات لا يصرف منها إلا الفتات لتطوير المعلمين وتدريبهم يجعلك تشعر بالأسى للحال الذي وصل إليها المعلم، تكال إليه اللكمات من كل جهة، ويسند إليه كل تقصير وعدم اهتمام، ويقال له: إنك لا تحرص على عملك بالشكل المناسب، وأنت السبب لما فيه التعليم من حال متردية وضعف في المخرجات.
يقولون لنا: لماذا لا تطورون أنفسكم وقد وضعت لكم جميع السبل وهيئت لكم الدورات المتنوعة في مراكز التدريب فلماذا لا تقدمون عليها؟!
حصل لي أن اطلعت على كتاب العلوم المطور الذي تنوي وزارة التربية والتعليم تعميمه بعد تجريبه على عدد من مدارس المملكة، ضمن مشروع رصد له مبلغ 900 مليون ريال، وكان الكتاب قمة في الروعة من الإخراج الفني والصور الجميلة والمادة التي تحاكي مناهج متطورة استوحيت ممن سبقونا، ولكن يبقى السؤال: من سيعلم (يدرّس) هذا الكتاب؟!
يبدو أن الإجابة ليست لدى وزارة التربية والتعليم، فما زالت تهتم بالمظهر متناسية الجوهر، وهو الأساس ألا وهو المعلم، ولكن لا حياة لمن تنادي، بل ثبت بما لا يدع مجالاً للشك، الفشل الذي اعترى خطط وزارة التربية فقد اهتمت بالظاهر ولم تهتم بمحور العملية التعليمية في رأيي المتواضع، فمن دون معلم مؤهل ومدرب مزود بأحدث المعلومات والتقنيات ستكون العملية التعليمية فاشلة من الأساس وستحبط في مهدها.
نحن هنا لا نطلب المستحيل، ولا نقول: ضعوا القمر في إحدى يدي المعلم والشمس في يده الأخرى، نحن نقول: أعطوا المعلم ما يستحقه من تكريم ومستوى واحترام، دربوا منهم على رأس العمل بدءاً من المشرفين التربويين مروراً بالمديرين والوكلاء والمعلمين وحتى أولياء الأمور، والأمر ليس معقداً فالمدارس (المباني) موجودة وبني الجديد منها على أحدث الطرز، والقاعات متوافرة وأجهزة الشرح (كمبيوتر وما إلى خلافه) أيضاً يمكن إحضارها وتوفيرها، فقط نحتاج إلى مدربين عالميين و"دكاترة" محنكين (ممارسين غير منظرين) لتدريب المعلمين على رأس العمل، أيضا لابد أن تكون ورش العمل في المدارس وليس في مراكز الإشراف، ولجميع المعلمين وليس لبعضهم.
وصدقوني لو صرفنا ثلاثة مليارات فقط على تدريب المعلم وتطويره لكفتنا عن مليارات أخرى تصرف على كتب وخلافه، ولا نغفل دور التقنية.
ختاماً، كنت أتمنى ألا يسند مشروع تطوير إلى وزارة التربية والتعليم بل يسند إلى جهة أخرى مستقلة وذات خبرات واسعة في استراتيجيات التعليم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي