ضوابط تقويم الأداء.. حل أم مشكلة؟!

تقوم الشركات والمؤسسات مرة على الأقل في نهاية كل عام بإجراء تقويم لأداء العاملين وتضع لمن يقوم بذلك ضوابط تنظيمية كيلا تنحرف العملية عن مسارها السليم الذي يحقق أهداف هذه المنظمات. من هذه الضوابط المنحنى البياني لتقويم الأداء وتقوم الفكرة من وجوده على فرضية تقول إن الشريحة الأكبر من العاملين في أي منشأة هم من ذوي الأداء المتوسط وتراوح نسبتهم بين 40 و50 في المائة، وبناء عليه تتوزع بقية النسبة المئوية على مستويات الأداء الأخرى, ويؤكد أنصار هذا الرأي أنه إذا لم يتم وضع ضوابط لعملية التقويم وفقا لمفهوم التوزيع الطبيعي للأداء ويلتزم فيه الجميع فإن نتائج التقييم على الأرجح ستأخذ شكل الخط البياني التصاعدي من الأدنى إلى الأعلى وبالتالي تصبح غير متطابقة مع نتائج أداء المنشأة وقد توصلوا إلى هذا الاستنتاج من خبرات وتجارب سابقة . نظريا هذا الاستنتاج منطقي لأن الناس بطبيعتهم إن وجدوا حرية أكبر في الاختيار لن يتجهوا لاختيار الطريق الأصعب حتى وإن كان هو الأصوب.
يعترض بعض المسؤولين على هذا النوع من الضوابط باعتباره تدخلا في عملهم فهم يرون أن أداء من يعملون تحت إشرافهم هو جزء من مسؤولياتهم التي تحاسبهم الشركة على نتائجه، ومن المفترض وفقا لذلك أن يترك لهم كامل الحرية في تقدير مستويات الأداء، لأن أي تدخل يفقد المسؤول قوة التأثير في العاملين، فالعامل مهما قدم له من حوافز وتقدير معنوي يظل إنسانا له حاجاته الأساسية والكمالية التي لا يتمكن من إشباعها إلا من خلال الأجر الشهري الذي يحصل عليه وهذا الأجر يتأثر إيجابا بمقدار العلاوة السنوية التي تصرف بموجب تقويم الأداء. لذلك يعد المسؤولون أن المنحنى البياني ضابط يشعرهم بالضعف والحرج أمام العاملين فيصعب عليهم في بعض الأحيان تفسير أسباب حصول العاملين على مستويات تقويم متباينة في وقت يعمل الجميع على خط إنتاج واحد، مما يضطر المسئول إلى تقديم حجج غير مقنعة أو وعودا أفضل في الأعوام المقبلة وربما صرح أحدهم أن الضوابط المطبقة في الشركة هي التي تتسبب في هذا التباين.
طبعا لكل من الطرفين وجهة نظر يجب أن تقدر وتحترم ومن المهم جدا أن نتفهم دوافع الطرفين لكن دعونا نحاول أن نحدد العوامل التي أدت إلى ظهور مثل هذه الضوابط والخلاف حولها فنطرح السؤال التالي: ما الذي يجعل نتائج تقويم الأداء للعاملين لا تتطابق مع نتائج أداء الشركة أو المؤسسة؟ أعتقد أن السبب الرئيس يعود إلى وجود مشكلة في أسلوب إدارة العاملين, فعندما لا يتم صياغة أهدافهم حيث تكون SMART GOALS تصبح أهداف عمل فضفاضة غير قابلة للقياس أو أن تكون بسيطة سهلة الإنجاز أو العكس صعبة وغير واقعية كل هذه العيوب في الأهداف تجعل عملية التقويم غير موضوعية, فيتسبب ذلك بوجود تباين في النتائج بين أداء المنظمة وأداء العاملين فتلجأ المنظمة لوضع مثل هذه الضوابط للحد من هذا التباين, وهذا الأمر يذكرني بقصة ذلك المسؤول الذي اعترض على المنحنى البياني لتقويم الأداء وكانت مبيعات الشركة في تلك السنة منخفضة فرد عليه مسؤول الموارد البشرية أريدك أن تصدقني القول ما نوع الرسالة التي تود إرسالها للعاملين في وضع تتدنى فيه المبيعات؟ هل تريد أن تقول لهم استمروا على هذا المستوى عندما تمنح غالبيتهم تقديرا يفوق المتوسط, فتنبه المسؤول المعترض إلى أن تقويم الأداء يجب أن يكون موضوعيا لكي يكون دافعا لتحسين الأداء وخاليا من أي مجاملات بقصد كسب ود ورضا العاملين. لو كانت صياغة أهداف العاملين تتم بطريقة متقنة حيث تكون محددة، وقابلة للقياس، ويمكن تحقيقها، واقعية، ومحددة بإطار زمني وجرى الاتفاق عليها من بداية العام وتابع المسؤول تنفيذها لما تطلب الأمر وضع أية ضوابط وحتى وإن وجدت فلن تكون هناك مشكلة في تطبيقها لأن النتائج ستصبح هي الحكم فإذا كانت عالية جدا وتفوق مستوى الأداء المتوسط فمن السهل على المسؤول أن يقنع أي إدارة بأن مستوى الأداء للعاملين لديه لا يجب أن يحكم بضابط حتى ولو بشكل استثنائي تقديرا للنتائج المميزة التي تحققت، لذلك يمكن أن نستنتج أن مشكلة الخلاف على ضوابط تقويم الأداء مشكلة صياغة أهداف وقياس للنتائج أكثر من كونها حاجة تتطلبها عملية التقويم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي