التكامل الاقتصادي السعودي - القطري

يتوقع حدوث نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية بين السعودية وقطر وذلك في أعقاب نجاح الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي - القطري. وقد ناقش ممثلو البلدين الأسبوع الماضي في الرياض أوجه التعاون في المجالات السياسية والأمنية و الاقتصادية.
من جملة الأمور، ينتظر أن يسهم مجلس التنسيق في توفير البيئة المناسبة لتعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين عن طريق تنفيذ مشاريع مشتركة خصوصا من قبل مستثمري القطاع الخاص. يتمتع كل من السعودية وقطر بقدرات تنافسية، تشمل القوة الاقتصادية بالنسبة للسعودية مقارنة بمستوى دخل مرتفع على المستوى العالمي فيما يخص قطر.

النفط والغاز
إضافة إلى ذلك، يشكل تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين موضوعا مهما بالنسبة للعالم بأسره، نظرا للأهمية النسبية الكبيرة لكل من السعودية وقطر في مجال الطاقة. يشكل كل من السعودية وقطر حجز الزاوية فيما يخص تصدير النفط الخام والغاز الطبيعي المسال على التوالي. تعد السعودية أكبر مصدر للنفط الخام على مستوى العالم على خلفية تصديرها نحو تسعة ملايين برميل يوميا. أيضا لدى السعودية أكبر احتياطي للنفط الخام حيث تستحوذ على أكثر من 22 في المائة من المخزون العالمي المكتشف.
بدورها تعد قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال بعد أن نجحت في تخطي إندونيسيا في السنوات القليلة الماضية. يبلغ حجم الإنتاج نحو 38 مليون طن في السنة في الوقت الحاضر موجها للخارج. والأهم من ذلك، تعمل قطر على زيادة إنتاجها إلى 77 مليون طن سنويا مع حلول عام 2012. لدى قطر زبائن للشراء يشملون مؤسسات في اليابان وكوريا الجنوبية وإسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة. تمتلك قطر ثالث أكبر مخزون للغاز الطبيعي على مستوى العالم بعد روسيا وإيران. لكن يسجل لقطر نجاحها في استقطاب شركات غربية، خصوصا من الولايات المتحدة لتطوير صناعة الغاز فيها بواسطة أحدث أساليب التقنية.

أكبر اقتصاد إقليمي
يمكن الزعم أن الاقتصاد القطري سيكون المستفيد الأكبر من تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، نظرا لانفتاح المؤسسات القطرية على أكبر اقتصاد في المنطقة. حسب مجموعة الإيكونوميست البريطانية، يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي للسعودية 382 مليار دولار حسب أسعار السوق لكن 555 مليار دولار استنادا إلى مبدأ القوة الشرائية.
تشير الإحصاءات المتوافرة إلى تسجيل نمو مطرد في قيمة التبادل التجاري بين البلدين في السنوات القليلة الماضية ما يؤكد أن مجلس التنسيق السعودي - القطري إنما جاء تتويجا وانعكاسا لواقع جديد بين البلدين الجارين. حسب أفضل الإحصاءات المتوافرة، زادت قيمة التجارة البينية بين السعودية وقطر من 726 مليون دولار عام 2005 إلى 935 مليون دولار عام 2006 ومن ثم نحو 1477 مليون دولار عام 2007.
يشار إلى أن الميزان التجاري يميل لصالح السعودية بشكل لافت، إذ تشكل الصادرات السعودية نحو 85 في المائة من قيمة التبادل التجاري بين البلدين. تصدر السعودية سلعا متنوعة للسوق القطرية تشمل منتجات الألبان والزيوت، فضلا عن الفواكه والحيوانات الحية. في المقابل، تتركز الصادرات القطرية على مشتقات الحديد الصلب. وفي كل الأحوال، بمقدور الجهات القطرية الاستفادة من النقلة النوعية في العلاقات في تصحيح الميزان التجاري بشرط توفير المنتجات التي تتناسب وطبيعة المستهلكين في السعودية المترامية الأطراف.
المعروف أن لدى قطر حدودا برية مع دولة واحدة وهي الجارة السعودية (من المنتظر أن يتم فتح جسر بحري يربط قطر مع البحرين في عام 2012 في حال عدم حدوث تغيير للمشروع). المطلوب بكل تأكيد الاستفادة من هذه الخاصية لتعزيز العلاقات التجارية.

أعلى مستوى دخل
في المقابل، تتميز قطر بتمتع مواطنيها بمستويات دخل مرتفعة على مستوى العالم. يبلغ متوسط دخل الفرد في قطر من الناتج المحلي الإجمالي ما بين 53 ألفا و72 ألف دولار. ويعود الاختلاف بين الرقمين بشكل جزئي إلى عدم كيفية احتساب عدد الأجانب في قطر نظرا للنمو السكاني استنادا إلى دراسات مختلفة. يعد دخل الفرد في قطر ضمن أعلى عشر دول في العالم (الأعلى في العالم من نصيب الفرد في لوكسمبورج حيث يزيد متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي على 75 ألف دولار).
أيضا يتمتع الاقتصاد القطري بأعلى نسبة نمو بين اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي. حسب أحدث الإحصاءات، يتوقع أن يحقق الاقتصاد القطري نسبة في حدود 10 في المائة في عام 2009. تقل هذه النسبة عن النتيجة النهائية المتوقعة لعام 2007 لكنها عالية بكل المقاييس.
ختاما: يكتسب عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي - القطري أهمية خاصية نظرا لانعقاده قبل فترة وجيزة من التئام قادة دول مجلس التعاون الخليجي لعقد قمتهم السنوية. تستضيف العاصمة العمانية (مسقط) أعمال القمة الـ 29 في الفترة ما بين 29 و30 كانون الأول (ديسمبر) الجاري. ومن شأن تعزيز العلاقات بين السعودية وقطر تعزيز الأجواء الإيجابية لمعالجة بعض التحديات الاقتصادية التي تواجه القمة، وفي مقدمتها تداعيات الأزمة المالية العالمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي