عالم السيارات.. الإفلاس وانخفاض المبيعات

بالجملة التي عنونت بها هذا المقال طرحت ووزعت بعض شركات السيارات الأمريكية الملصقات والمنشورات الدعائية الخاصة بموجات تخفيضات وعروض واسعة في مواجهة كساد سحب السيارات في الأسواق العالمية وخفضت القوى الشرائية لها خاصة في أمريكا وأوروبا تحت ضغط الأزمة المالية العالمية, وهو أمر مبهج بالنسبة لغالبية سكان العالم من ذوي الدخل المهدود رغم الكم الكبير من الأسى الذي سيخيم على وكلاء تلك الشركات في الخليج, وهو ما دعا عدداً منهم إلى أن يخرجوا عن صمتهم ويؤكدوا في عدد من التقارير الصحافية التي نشرتها غالبية وسائل الإعلام استبعادهم أن تشهد أسعار السيارات في منطقة الخليج انخفاضاً ملحوظاً خلال الفترة المقبلة, بل إن بعضهم أشار إلى إمكانية ارتفاع الأسعار بنسبة 10 في المائة أو أكثر لموديلات 2009.
تلك التصريحات ذكرتني بتصريحات صديقي الهامور (أبو علي) مطلع عام 2006 عندما استنفد كل طاقاته الصوتية في نفي إمكانية حدوث انهيار في سوق الأسهم السعودية على المدى القريب, مؤكداً أنه سيضع كل ريال يملكه في السوق دون أي خوف, فالسوق مقبلة على ارتفاعات خيالية حسب رأيه, والحقيقة أن (أبو علي) كان قد وضع بالفعل كل ما يملك في سوق الأسهم, أي وبعبارة أخرى كان الرجل غارقا حتى أذنيه, وأخبار كهذه تعني أنه دخل منطقة الخطر, وهو ما حدث بالفعل في شباط (فبراير) من السنة نفسها عندما خسر أكثر من 80 في المائة من رأسماله, لكنه ظل يردد طوال فترة النزيف أن العملية مجرد جني أرباح!
هناك مثل شعبي شهير يقول: (ما يمدح السوق إلا من ربح فيه) وهذا بالضبط ما ينطبق على حال الإخوة وكلاء شركات السيارات في الخليج, فمن الطبيعي أن يستنفدوا كل طاقاتهم في نفي أي خبر يضر بتجارتهم, لكن عملية النفي وحدها ليست كافية, خصوصاً أن العالم بأجمعه شاهد كبار المديرين التنفيذيين لأكبر شركات تصنيع السيارات في الولايات المتحدة وهم يمارسون عملية تسول عالمية في الكونجرس لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أن ضربت الأزمة المالية شركاتهم وباتت على وشك إشهار إفلاسها, وهو أمر غير مستبعد حتى بعد المساعدات الضئيلة التي حصلوا عليها من الحكومة الأمريكية!
إن مسألة انخفاض أسعار السيارات باتت حتمية, ولن تعوقها التقارير الصحافية التي يتعالى فيها صراخ الوكلاء لنفي ما لا يمكن نفيه, خاصة ونحن نعلم أن التنافس قائم على أشده بين الشركات المصنعة لتصريف أكبر كم ممكن من سياراتها, فقد بات هدفها حالياً أن تنفذ بجلدها من شبح الإفلاس, وإن أصر الوكلاء في الخليج على الحفاظ على مستويات سعرية محددة لسياراتهم, فستضربها بلا شك أسعار السيارات المستوردة عن طريق غير الوكلاء, أضف إلى ذلك أنه لا يمكن تجاهل ارتفاع مستوى الوعي الاستهلاكي لدى المواطن الخليجي اليوم الذي يمكنه وهو يتناول كوب القهوة في منزله أن يطلب سيارته من المصنع أومن أكبر تجار السيارات في الخارج بضغطة زر من جهاز الكمبيوتر لتصله خلال أسابيع معدودة دون أي عناء.
بقي أن أقول إنني توقفت بالأمس بينما كنت خارجاً من إحدى الأسواق أمام سيارتي العزيزة لدقائق متخيلاً ما ستؤول إليه عقب التخفيضات الهائلة في أسعار السيارات, وهو ما دعا أحد المارة للوقوف والسؤال عما إذا كانت السيارة متعطلة أو أنني في حاجة إلى المساعدة, فما كان مني إلا أن شكرته ومضيت مكملاً أحلامي التي انتهت كالعادة بكابوس زحمة شوارع الرياض!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي