لماذا إكسبو الرياض؟

"إكسبو" أو المعارض الدولية، ليست كالمعارض المعتادة، فهي أضخم معرض على المستوى الدولي، ينظم كل خمسة أعوام في إحدى المدن التي تتسابق لنيل هذا الشرف منذ القرن الـ18، أي قبل إنشاء المكتب الدولي للمعارض في 1928 على أساس اتفاقية باريس التي وقعت عليها 31 دولة. ويهدف "إكسبو" إلى تبادل المعلومات والأفكار والمخترعات، من خلال إبراز الإنجازات التقنية والصناعية لكل دولة مشاركة.
ومن محاسن "إكسبو" أن منشآت المعارض غالبا ما تصبح معالم عالمية يقصدها السياح من كل مكان، ومرافق مهمة تخدم المدينة التي يقام فيها. فعلى سبيل المثال، أنشئ مترو باريس لخدمة "إكسبو" 1900، وكذلك مترو مونتريال، ومتحف بايوسفير البيئي الشهير الذي أنشئ لخدمة "إكسبو" 1967، وقد لا تصدق أن إنشاء برج إيفل الشهير كان بمنزلة بوابة "إكسبو" 1889، ولم يكن مقصودا أن يبقى أتوميوم في بروكسل إلى ما بعد "إكسبو" 1958، لكنه ما لبث أن أصبح معلما مهما، بل رمزا لمدينة بروكسل. وكذلك الحال بالنسبة إلى إبرة الفضاء التي أنشئت لمصلحة "إكسبو" 1962، وأصبحت معلما ورمزا لمدينة سياتل في الولايات المتحدة.
لا بد أن نبتهج ونفرح بتنظيم إكسبو الرياض 2030، إذا عرفنا أن موقع إكسبو الرياض سيصمم على هيئة مدينة مستقبلية على أحد روافد وادي "السلي"، بالقرب من مطار الملك سلمان، تجمع هذه المدينة بين مفهومي "الواحة" و"الحديقة"، ما يعكس رؤية المملكة لريادة مستقبل مستدام للمدن ومجتمعاتها. ويجسد هذا التصميم موضوع المعرض الرئيس "معا نستشرف المستقبل"، الذي يحث المشاركين على تقديم أفكار مبتكرة وملهمة، ويشتمل المعرض على 226 جناحا، بما يشبه الكرة الأرضية، ويتوسط المعرض معلم بارز يرمز إلى "المسؤولية عن حماية الكوكب" يرتكز على 195 عمودا تمثل عدد الدول المشاركة في المعرض، وتحيط بهذا المعلم ثلاثة أجنحة يجسد كل منها واحدا من موضوعات المعرض الفرعية المتمثلة في: "الازدهار للجميع"، و"العمل المناخي"، و"غد أفضل". باختصار، يهدف تصميم إكسبو الرياض إلى تطوير نموذج حضري مبتكر يضمن الاستدامة، ويعزز الابتكار والإبداع في مدن المستقبل.
وينبغي أن نبتهج إذا علمنا أن تأثير تنظيم إكسبو الرياض في مدينة الرياض والمملكة سيكون كبيرا وعلى ثلاث مراحل: الأولى، قبل انعقاد المعرض، والثانية، أثناء انعقاد المعرض، والثالثة، بعد انتهاء المعرض. فمن المؤكد أنه سيترك أثرا كبيرا في البنية التحتية لمدينة الرياض خصوصا والمدن الرئيسة في المملكة عموما، من خلال استثمار كثير من الأموال لتحسين البنية التحتية أثناء التحضير لتنظيم المعرض، خاصة أن المعرض سيكون أول معرض صديق للبيئة يعتمد بالكامل على الطاقة الشمسية النظيفة. كذلك فإنه سيعزز التنمية المستدامة في المملكة من خلال تصميمه وموضوعاته المبتكرة وفرص تبادل الأفكار والمخترعات بين المشاركين من دول وشركات ومنظمات، ما يؤدي إلى التعريف بمنتجات المملكة الصناعية والتقنية والثقافية. إلى جانب ذلك، فإن تنظيم المعرض سيكون بمنزلة الانطلاقة الكبرى للسياحة في المملكة، بما يمنحها من وهج وتدفق للسياح من الخارج، خاصة بما تتمتع به المملكة من بنية أساسية رائعة بدءا بالتشريعات ومرورا بالطرق والمرافق ومراكز الترفيه والفنادق ونحوها.
ولا يقل عن ذلك أهمية دعمه لاقتصاد مدينة الرياض خصوصا والمملكة عموما، من خلال توفير آلاف الفرص الوظيفية، ونمو الناتج المحلي الإجمالي من خلال تسويق الصناعات السعودية، وزيادة الأعمال الفندقية، والتجارة، والنقل، والاتصالات، والمطاعم ونحوها، بما ينعكس كذلك على زيادة متوقعة في سوق المال والأعمال. ولا يقل عن ذلك أهمية أن إكسبو الرياض سيكون قوة ناعمة تعزز مكانة المملكة ودورها الحيوي على المستوى العالمي اقتصاديا وسياسيا على المديين القصير والبعيد.
وأخيرا، فإن تصميم موقع المعرض الإبداعي سيبقى معلما جميلا ومهما بعد انتهاء المعرض ليؤدي أدوارا كثيرة لتعزيز التنمية في المملكة، علاوة إلى أن هناك خطة لمساعدة 100 دولة مختارة لإعادة استخدام الأجنحة المخصصة لها بعد اختتام المعرض، بما يخدم المدارس والعيادات ومراكز الأبحاث في تلك الدول.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي