الابتكارات الطبية.. رافد اقتصادي

تعد التقنيات الحديثة والابتكارات النوعية من أهم العوامل التي تسهم في تطوير وتحسين الرعاية الصحية وجعلها أكثر فاعلية ودقة، وتلعب هذه لابتكارات التكنولوجية دورا محوريا في أتمتة هذا المجال الطبي كونها تعد عنصرا أساسيا في تطوير منظومة وجودة الخدمات الطبية وزيادة سلامة المرضى، وتعد حجر الزاوية في تطوير وتحسين هذا القطاع الذي يُعد أحد عناصر قياس تمدن المجتمعات وحضارتها ورقيها، وفي هذا المقال، سأختصر الحديث عن أهمية هذا الدور وكيفية تأثيره على جودة الحياة والنمو الاقتصادي.

تعد الابتكارات النوعية أحد الممكنات ذات التأثير الملموس في تطور المجال الطبي والأمثلة على ذلك كثيرة ومن ذلك، منظومة الذكاء الاصطناعي التي تعد من أهم الابتكارات في هذا المجال، حيث يتم من خلالها عمليات التحليل المعقدة لبيانات المرضى والصور الطبية مثل الأشعة السينية والتصوير بالرنين المغناطيسي لتحديد التغيرات الدقيقة في الأنسجة والأعضاء، كما يمكن استخدام هذه التقنيات في تشخيص مجموعة متنوعة من الأمراض، بما في ذلك السرطان، والأمراض القلبية، والأمراض العصبية، والأمراض المناعية، والأمراض المعدية، ما يزيد من فرص التحسن والعلاج، ومن الأمثلة أيضا الروبوتات الإلكترونية الجراحية، وهي تعد من أبرز الابتكارات في مجال الطب التي تساعد على تحسين دقة العمليات الجراحية وتقليل الأخطاء البشرية كما تتيح للأطباء إجراء عملياتهم الدقيقة، ما يزيد من نجاحها ويقلل من مضاعفاتها، وإداريا تعد إدارة الملفات الطبية الإلكترونية إحدى أساسيات أتمتة المجال الطبي، حيث تسمح أنظمة EMR بتخزين معلومات المرضى بشكل آمن وسهل الوصول، ما يسهل عملية مشاركة المعلومات بين الأطباء وتوفير توجيهات دقيقة وفعالة للرعاية الصحية، وبفضلها يمكن تحسين تجربة المرضى وتقديم الرعاية الصحية اللازمة.

وقد تبنت كثير من الدول التكنولوجيا والابتكارات في مجال رعايتها الطبية، واستثمرت في هذا المجال بشكل ملحوظ جعل منها وجهه للكثيرين في هذا النهج، ومن تلك الدول على سبيل المثال، دولة اليابان حيث تُعد واحدة من الدول الرائدة في تبني التكنولوجيا في نظامها الصحي، ففيها مستشفى غراد بلازا الجامعي في طوكيو الذي يعتمد على الروبوتات في الجراحات التي تتطلب دقة فائقة، كما يستخدم معظم المستشفيات هناك الأنظمة الذكية لتحسين إدارة الأمراض المزمنة وتتبع بيانات المرضى، ومن الأمثلة أيضا في الولايات المتحدة، يتميز مركز مايو كلينك بتبني التكنولوجيا في تشخيص الأمراض وعلاجها، حيث يستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الطبية الكبيرة ومستشفى جونز هوبكنز في بالتيمور يعتمد على الروبوتات في جراحات القلب وجراحات الأورام الخبيثة، وفي ألمانيا، يعمل مركز هليوس للطب النووي على تطوير تقنيات تصوير طبي متقدمة، ويعد مستشفى شاريتيه في برلين من الرواد في استخدام التكنولوجيا في تحسين تجربة المرضى وتوفير الرعاية الشخصية، وهناك الكثير.

وأرى أن استخدام التكنولوجيا والابتكارات في المجال الطبي يُعَدُّ مصدرا لعديد من الفوائد الاقتصادية على عدة مستويات من ذلك تقليل التكاليف الطبية، فبتبني التكنولوجيا والابتكارات، يمكن المؤسسات الطبية من تحسين كفاءة عملياتها وتقليل تكاليفها الإدارية والتشغيلية، أضف إلى ذلك إمكانية زيادة الإيرادات من خلال تحسين جودة الرعاية الصحية وجذب المرضى، وسيشجع ذلك أيضا على الاستثمارات الإضافية في البحث والتطوير، ما يؤدي إلى مزيد من الابتكارات والاكتشافات الطبية الجديدة، ومزيد من فرص لعمل الجديدة في مجالات مثل تطوير البرمجيات والهندسة الطبية والتصوير الطبي المتقدم، ما يسهم في زيادة الإنتاجية في مختلف القطاعات الاقتصادية ونموها واستدامتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي