default Author

قوة الدولار تؤثر في الأسواق الصاعدة «2 من 2»

|
وبشأن هواجس النمو، حينما يرفع مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي" أسعار الفائدة، تضطر البنوك المركزية للدول الأخرى إلى رفع أسعار فائدتها للمحافظة على قدرتها التنافسية والدفاع عن عملتها. بعبارة أخرى، يجب إعطاء المستثمرين سببا "ارتفاع العوائد" حتى يستثمروا في دولة من دول الأسواق الصاعدة بدلا من استثمار أموالهم في أصول أمريكية أقل خطورة.
وينطوي هذا على معضلة. فمن ناحية، يريد البنك المركزي لأي بلد طبعا حماية الاستثمار الأجنبي في الاقتصاد المحلي. لكن من ناحية أخرى، زيادات أسعار الفائدة ترفع تكلفة الاقتراض المحلي، ويكون لها تأثير مثبط للنمو أيضا.
وأوردت صحيفة «فاينانشيال تايمز» نقلا عن بيانات لمعهد التمويل الدولي في الآونة الأخيرة، أن "المستثمرين الأجانب سحبوا أموالا من الأسواق الصاعدة لمدة خمسة أشهر متتالية في أطول موجة سحب للاستثمارات على الإطلاق." وهذه استثمارات حيوية تتخارج من الأسواق الصاعدة بحثا عن ملاذ آمن. وأخيرا، سيضر تباطؤ نمو الاقتصاد المحلي بمرور الوقت بالإيرادات الحكومية، وقد يؤدي إلى تفاقم مشكلات الديون المذكورة آنفا.
وبشأن المشكلات التجارية، فإنه في الأمد القصير، قد يؤثر صعود الدولار أيضا في التجارة. فالدولار الأمريكي يهيمن على المعاملات الدولية. وتستخدمه الشركات العاملة في اقتصادات لا تتعامل بالدولار في التسعير وتسوية معاملاتها. ولتنظروا - على سبيل المثال - إلى سلع أولية أساسية، مثل النفط، تباع وتشترى بالدولار.
علاوة على ذلك، هناك اقتصادات نامية كثيرة تتأثر بالأسعار ولا تؤثر فيها "سياساتها وإجراءاتها لا تؤثر في الأسواق العالمية"، وتعتمد اعتمادا كبيرا على التجارة العالمية، ومن ثم قد تكون لصعود الدولار آثار كبيرة فيها، محليا، ومن ذلك زيادة معدلات التضخم. ومع ارتفاع الدولار تزداد تكلفة الواردات "بالعملة المحلية"، وهكذا تضطر الشركات إلى تقليص استثماراتها أو زيادة الإنفاق على الواردات الحيوية.
وبالنسبة إلى أن بعض الدول تبعث صورة التجارة على الأمد الطويل على قدر أكبر من التفاؤل، لكنها عموما صورة ذات ملامح متباينة. صحيح أن الواردات تصبح أكثر تكلفة عند صعود الدولار، لكن الصادرات تكون أرخص نسبيا بالنسبة إلى المشترين الأجانب. وقد يمكن للاقتصادات القائمة على التصدير الاستفادة، حيث تؤدي زيادة الصادرات إلى تعزيز نمو إجمالي الناتج المحلي واحتياطيات النقد الأجنبي، الأمر الذي يساعد على تخفيف كثير من المشكلات المبينة فيما يلي.
وحول تخفيف الآلام فإنه لسوء الحظ، ليس أمام الدول خيارات تذكر لمعالجة هذه المشكلات في الأمد القصير. وهي مشكلات أفضل سبيل لمعالجتها هو التصرف بشكل استباقي وليس كرد فعل.
وللحيلولة دون وقوع الأزمة التالية، يجب على الدول الآن أن تعزز أوضاع ماليتها العامة وأن تعتمد على الاقتراض المستدام. 
حتى في الأوقات العصيبة، يمكن لواضعي السياسات إيجاد فرص للتشجيع على الاستثمار وتحفيز النمو الاقتصادي وفي الوقت ذاته تخفيف الضغوط على المالية العامة. ويجب على المجتمع الدولي من جانبه أن يبذل مزيدا من الجهد للتعجيل بإعادة هيكلة الديون. فالقيام بهذا العمل سيقطع شوطا طويلا في الطريق إلى إعادة الدول إلى مسار أكثر استدامة للمالية العامة.
إنشرها