default Author

الأزمة الغذائية ومديونيات الدول الفقيرة «2 من 2»

|
بنهاية 2020، بلغت الديون العامة والمضمونة من الحكومة لدائنين أجانب في هذه الاقتصادات مستوى قياسيا قدره 123.8 مليار دولار، مرتفعة نحو 75 في المائة عما كانت عليه في 2010. وتشكل مدفوعات خدمة أعباء الديون في هذه الاقتصادات الآن نحو 10 في المائة من عائدات صادراتها ارتفاعا من أقل من 4 في المائة قبل عشرة أعوام.
كانت هذه الدول تفتقر بالفعل إلى القدرة على مجابهة صدمة جائحة كورونا، وهو ما أوقع كثيرا منها في حالة مديونية حرجة. وبالنظر إلى المليارات التي سيتعين على هذه الدول هذا العام دفعها من أعباء خدمة ديونها العامة والخارجية المضمونة من الحكومة، فإن قدرتها على معالجة أزمة غذائية وشيكة تكاد تكون منعدمة. وستحتاج إلى المساعدة من الخارج.
ويجب أن تكون الخطوة الأولى على طريق الخلاص هي تعزيز المساعدات الطارئة إلى الدول المعرضة للخطر. وخلال الـ15 شهرا المقبلة، ستقوم مجموعة البنك الدولي بإتاحة ما يصل إلى 30 مليار دولار من أجل تحسين الأمن الغذائي في الاقتصادات النامية. وقد تعهد زعماء مجموعة السبع بتقديم 4.5 مليار دولار لتحقيق الهدف نفسه. ويجب أن تذهب المساعدات الدولية إلى السكان المعرضين لخطر مباشر، وذلك بمساعدة الحكومات على تقديم تحويلات نقدية مجدية وموجهة إلى الأسر الأكثر احتياجا. وينبغي أيضا أن تساعد هذه الأموال الدول المعرضة للخطر على القيام بالاستثمارات اللازمة لتحسين قدرة المزارعين على الحصول على الأسمدة، وإحداث تحول في أنظمتها الغذائية المحلية حتى تصبح أكثر إنتاجية وكفاءة وقدرة على الصمود في وجه الصدمات.
إضافة إلى تقديم مساعدات طارئة، تتشارك جميع الدول التزاما بالحيلولة دون تدهور الأوضاع في الدول المعرضة لأشد مخاطر حدوث أزمة غذائية. لكن كثيرا منها كرر بالفعل أخطاء الأزمة الغذائية في 2008. فمن أجل تخفيض الأسعار المحلية يفرض كثير من الدول قيودا على صادرات الأغذية والأسمدة. حتى أوائل حزيران (يونيو)، كان 34 بلدا قد فعلت هذا، ما يقرب من عدد الدول التي اتخذت هذه الإجراءات خلال الأزمة الغذائية 2008 ـ 2012. وأفضت هذه الجهود إلى نتائج عكسية حتما، متسببة في صعود الأسعار لا في انحسارها.
أخيرا، بالنسبة إلى الدول التي ترزح تحت أعباء ديون يتعذر الاستمرار في تحملها، يجب أن تكون الأولوية الملحة هي إعادة هيكلة الديون وتخفيف أعبائها. وسيلقى عدد متزايد من الدول منخفضة الدخل صعوبة في خدمة أعباء ديونها هذا العام. وإذا كانت تقترب من هذا الوضع، فإنه ينبغي لها أن تطلب تخفيفا من أعباء الديون من خلال إطار مجموعة العشرين المشترك لمعالجات الديون. حتى الآن، لم تفعل هذا سوى ثلاث دول، وقد يثني بطء خطا التقدم في سعيها الدول الأخرى عن اتخاذ هذه الخطوة. وقد اقترح البنك الدولي وصندوق النقد الدولي عدة خيارات لتسريع العملية والتشجيع على المشاركة الكاملة للدائنين من القطاع الخاص.
تواجه الدول الأشد فقرا مخاطر لم تتعرض لها منذ عقود. لكن هناك بعض النواتج أكثر تدميرا للفقراء من أزمة غذائية ومديونية متزامنة. ولهذا يجب على واضعي السياسات في أنحاء العالم الالتزام بالتحرك على وجه السرعة وبخطا حاسمة للحيلولة دون وقوع تلك الأزمة.
إنشرها