المحميات الطبيعية .. وحاجتها إلى مزيد من العناية

تمثل المحميات الطبيعية ثروات وطنية لدى معظم دول العالم، وهي من روافد الاقتصاد المحلي لبلدان كثيرة، وأغلب الدول لا تخلو برامجها السياحية من زيارة محمية طبيعية أو أكثر، ولذلك هذه المحميات في صلب اهتمامات كثير من الحكومات التي تهتم بالتنمية بمفهومها الشامل، تنمية الإنسان والمكان، وما يزيد من هذا الاهتمام الذي شاهدناه في دول كثيرة هو قوة التشريعات وصرامتها في المحافظة على البيئة عموما وعلى المحميات الطبيعية خصوصا، فلا أحد يتجرأ على تجاوز هذه القوانين.
ولهذا، لا نستغرب تصاعد التشريعات الخاصة بالبيئة التي تصدر في الدول المتقدمة بصورة مستمرة، التي أصبح كثير منها جزءا من المعاهدات الدولية الملزمة لحماية البيئة، وقد كتبت أكثر من مقال هنا حول ضرورة مزيد من التشريعات والحماية للبيئة، وكذلك المطالبة بزيادة المحميات الطبيعية، فعددها محدود مقارنة بمساحة المملكة الشاسعة، حيث لدينا فقط 15 محمية طبيعية، منها 12 محمية برية وثلاث محميات بحرية، ولو قارنا هذا العدد بدولة الإمارات التي لا تتجاوز مساحتها ثلث مساحة المملكة، ومع ذلك لديها 46 محمية، منها 32 برية، و14 بحرية. والأمر نفسه في دول أخرى كعمان والسودان والمغرب، التي لديها مئات المحميات، ويفترض مع هذه المقارنات ألا يقل عدد المحميات لدينا عن 100 محمية، وقلت إن هذا يتطلب تطويرها واستغلالها سياحيا واقتصاديا؛ لتكون موردا مهما للوطن.
وقد تحققت تطلعاتي من خلال "رؤية المملكة 2030"، التي بادرت إلى تأسيس وزارة للبيئة لأول مرة في تاريخ المملكة، ثم إنشاء مجلس للمحميات الملكية الطبيعية، الذي يشرف على ست محميات في المرحلة الأولى، ويهدف إلى تطوير هذه المحميات واستغلالها في خدمة التنمية السياحية والبيئية في المملكة، خصوصا في ظل الحراك الاقتصادي الهائل، الذي تشهده الدولة، ويتمركز حول استغلال الثروات السياحية والبيئية والثقافية كبدائل للنفط.
ولدينا في هذا منظومة جاذبة من المحميات المتنوعة، تشمل محميات صحراوية وجبلية وبحرية، فيها ثروات طبيعية كبرى، وتوفر كثيرا من الإمكانات لتحويلها إلى صناعة مستدامة، ورافد من روافد الدخل الوطني.
لكن ما يقلقني في هذا الأمر هو تأخر وزارة البيئة في تطوير هذه المحميات، وتنميتها، وزيادتها، وتحويل ذلك إلى برنامج عمل وطني شامل وواضح الأهداف، وهذا يتعارض مع توجهات "رؤية المملكة 2030"، التي تنص على هذا التطوير بشكل جلي.
ولا أعرف ما المعوقات التي واجهتها وزارة البيئة؟ لكن الوقت الحالي يتطلب السباق مع الزمن لتحويل هذه الأفكار إلى منجز ملموس ومشروع وطني فاعل وجذاب، ينقل هذه المحميات من خانة التهميش إلى استغلالها كثروات وطنية.
فهل نفرح بذلك قريبا يا وزارة البيئة؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي