المطارات وتوطين الفرص الوظيفية

حين وقفت أمام موظف تذاكر مواقف سيارات مطار الملك فهد في الدمام، وحاولت أن أتحدث معه، ولم أعرف ما يقوله سوى بعض كلمات آسيوية، وشيء من العربية المكسرة، فضلا عن ملابسه الرثة وهيئته المتواضعة، تساءلت: ألا يمكن توظيف مواطن سعودي في هذه الوظيفة البسيطة التي لا تحتاج إلى مهارات ولا إمكانات؟ وتعجبت أكثر حين علمت أن هذه الشركة، التي تستثمر معظم مواقف المطارات في المملكة، وتحصل على ملايين الريالات، لم توظف سعوديا واحدا في هذه الوظائف.
لدينا في المملكة 26 مطارا مدنيا ضمن منظومة الطيران المدني، وهي لا تشكل فقط مجرد مطارات للقدوم والمغادرة، بقدر ما تشكل مدنا تجارية وخدمية متكاملة، ومع "رؤية 2030" ستشكل هوية مستقلة للتعبير عن الوطن بكل ما فيه من تنوع وإرث ثقافي وموارد بشرية فاعلة.
بعد أن بدأت هذه المطارات رحلة التحول الوطني لتخرج من عباءة الحكومة والإرث "البيروقراطي" العتيد لتتحول إلى شركات مستقلة.
بدأت التجربة بمطار الملك خالد في الرياض، ثم مطار الملك فهد في الدمام، والبقية في الطريق ضمن خريطة الخصخصة لأجهزة الدولة.
المطارات الـ26 تشكل اليوم منجما ذهبيا لفرص العمل، لكن - مع الأسف - هذه الفرص مهدرة تحت سيطرة وافدين من ذوي المؤهلات المتدنية، ما يجعلها تشكل ثغرة مزعجة في الهوية الثقافية والاحتياطات الأمنية لمطاراتنا.
الأرقام التقديرية تؤكد أن المطارات الحالية تحوي ما يقارب 1040 متجرا ومكتب خدمات، توفر هذه المتاجر والمكاتب ما يزيد على أربعة آلاف فرصة عمل، تشمل وظائف البائعين في المتاجر، وظائف المطاعم والمقاهي، وظائف شركات الطيران، وظائف الشحن والبريد، وظائف الحراسات، وتذاكر مواقف السيارات.
ومع نمو المطارات وخصخصتها، سيكون هناك مزيد من النمو في الوظائف، ستصل معه - بحسب الإحصاءات التقديرية - إلى سبعة آلاف وظيفة تقريبا، وهذه الوظائف الآن تمثل - كما قلت - فرصا مهدرة لم يتم استغلالها أو الاستفادة منها خلال الفترة الماضية، وهذا يتطلب من هيئة الطيران المدني بحكم تخصصها ومسؤوليتها عن المطارات بالتنسيق مع وزارة العمل، البدء في برنامج إحلال منظم خلال فترة محددة، يستهدف توطين كل وظائف المطارات، والعمل على استقطاب الكفاءات الوطنية لتقود تطوير المطارات بما يتناسب مع أهميتها كواجهة للوطن، وهناك كثير من الأفكار التي قد تسهم في زيادة التوطين، مثل استقطاب الأسر المنتجة لتشغيل المطاعم والمقاهي، وإلزام المتاجر وشركات الطيران بتوظيف السعوديين وإحلالهم بعد تدريبهم بالتعاون مع صندوق الموارد البشرية، وإتاحة الفرصة للطلاب السعوديين للعمل بالأجر المقطوع حسب الساعة لشغل بعض الوظائف البسيطة واحتسابها للشركات ضمن نسبة التوطين، وأرى أن الأمر ليس صعبا، خاصة أن المطارات مناطق محصورة وتحت الرقابة الأمنية، ويسهل تطبيق إحلال السعوديين ومنع الوافدين من وظائفها. فهل يتحقق ذلك قريبا؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي