المبالغة في التسعير

أذكر أنني كتبت في السابق عن تسعير العقارات المنزوعة لمصلحة الحرمين الشريفين. رأيت حينها أن الأرقام مبالغ فيها بشكل يدعو إلى القلق حيال مشاريع تطوير الحرمين، وإمكانية تحقيق أهداف الدولة في خدمة زوار ومعتمري وحجاج بيت الله الحرام ومسجد نبيه الأمين - صلى الله عليه وسلم.
اعترض كثيرون على رأيي، وطالبوا بإيقافي عن الكتابة حينها، لكنني كنت قد عرضت على من يحب بيت الله، أن يقدم جزءا من تلك الأراضي هدية ووقفا لله تعالى، والبقية يمكن أن يعوض عنها الشخص، فذلك أجره أوفى وأكبر. اليوم، وبعد مرور سنوات من مقالي ذاك، أجد الدعوة نفسها تتكرر في مواقع أخرى، لكنها ليست بالقدر نفسه من التكلفة المالية على الدولة. فكيف يمكن أن نقارن مترا يعوض صاحبه بمليون ريال بآخر لا يحصل صاحبه سوى على 100 أو 200 ريال.
أزعم أن الوسيلة الأفضل للتعامل مع هذا الأمر هي بالحسنى، وبما ينفع الناس، ويخدم المصلحة العامة، بحيث يعوض صاحب العقار بمثيله في موقع يعادل الموقع الأول من كل نواحي التسعير والكثافة السكانية. نفذت هذه الفكرة في بعض المحافظات النائية، لكنها لم تنجح لأسباب، من أهمها أنها لم تراعِ موضوع تعادل الكثافة السكانية بين العقارين، وأنها لم توفر للمنتقلين حديثا الخدمات التي كانت متوافرة في موقعهم السابق. مثال ذلك، ما فعلته شركة أرامكو بتعويض مجموعة من المواطنين بعقارات مكتملة البناء، وهي فكرة رائدة لم يكتب لها النجاح بسبب مبدأ رفض التغيير، وهو أمر تجاوزته الشركة بعد سنوات، حين غير بعض السكان وجهة نظرهم وانتقلوا راغبين.
قد يكون ما فعلته الشركة من قبيل إدارة التغيير الناجحة، التي - مع أنها جاءت متأخرة - حققت النتيجة المطلوبة، وهي ما نحتاج إليه، ونحن نبحث في موضوع تغيير تسعير العقارات المنزوعة للمصلحة العامة، خصوصا في حالة شركة الكهرباء ووزارتي “النقل” و”البلديات”.
إن تكاتف هذه الجهات في إيجاد تشريع وممارسة مختلفة ترضي جميع الأطراف، سيحقق للمواطن مطلوبه من ناحية إيجاد البديل، سواء كان ماليا أو مكانيا، وضمان استمرار العمل في المشاريع الجديدة وخدمة المواطن والوطن، وإيصال الخدمات إلى كل مواقع البلاد كأساس للتنمية المتوازنة، التي يجب أن تسود في جميع مناطق المملكة مترامية الأطراف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي