السوق المالية .. وثقة المستثمرين

في "ملتقى الإدراج في السوق المالية" الذي نظمته غرفة الرياض بالتعاون مع شركة السوق المالية "تداول"، أشار رئيس الهيئة السعودية للسوق المالية إلى أن إدراج مزيد من الشركات في السوق المالية الرئيسة أو الثانوية يسهم في تحسين مؤشر السوق وزيادة جاذبيتها، كما يمكن الملاك من الحصول على تمويل أفضل من المصارف بشروط أحسن وضمانات أقل، نتيجة طمأنينة المصارف لحوكمة وسلامة أوضاع الشركة المدرجة. هذا التصريح المهم جدا يجب مناقشة وفهم أبعاده الكثيرة، فالأصل في السوق المالية أنها تنافس المصارف كمصدر للتمويل، والتوسعات الكبيرة التي تواجه الشركات ورجال الأعمال، فكيف تصبح هذه السوق بكل منافستها التمويلية أساسا متينا للشركات المدرجة للحصول على تمويل من المصارف. هنا تظهر العلاقات الاقتصادية المتينة بين قطاعات الاقتصاد، فالسوق المالية تتعامل مع الشركات التي تنشأ وتحتاج إلى تمويل ضخم وجريء، ومخاطر أقل مع تكلفة رأسمال منخفض، وهنا يقع على الشركات ورجال الأعمال أنفسهم عبء إقناع المكتتبين في الشركة الجديدة، لكن ما إن تصبح الشركة قائمة ومتداولة حتى تستفيد من كل منظومة السوق المالية ومن الثقة التي تضفيها السوق عليها، وهنا تتنافس الأسواق العالمية في جذب الشركات من خلال ما تضيفه السوق إلى الشركة من ثقة. ولقد بذلت هيئة السوق المالية كثيرا من الجهود الجبارة فعلا حتى تصل إلى مستويات منح الثقة لكل الشركات المدرجة فيها، على الرغم من أنها قد بدأت بتركة ضخمة وثقيلة.
وها هي السوق المالية السعودية أصبحت مدرجة في المؤشرات العالمية التي انعكست بشكل إيجابي على أداء السوق السعودية. وبوصول السوق إلى هذا المستوى فقد أصبحت الشركات المدرجة فيها تستفيد من هذا الأصل غير الملموس وتستخدمه في الحصول على تمويل من المصارف دون الحاجة الى العودة للسوق المالية وطرح أسهم جديدة، والمصارف أصبحت تتنافس لإقناع شركات السوق المالية السعودية والفوز بحصة من خطط التمويل فيها، كما أن سوق الصكوك تشهد نموا مطردا، خاصة بعد أن تم إدراج صكوك الدين الحكومي. وكما أكد رئيس مجلس إدارة غرفة الرياض، فإن تطوير اللوائح والأنظمة ذات العلاقة بطرح وإدراج الأوراق المالية، منح الشركات مساحة أوسع من الخيارات.
وتأتي رغبة الشركات في الحصول على تمويل من المصارف بدلا من طرح أسهم جديدة والاستفادة من آليات تمويل السوق نفسها إلى حقيقة أن الرفع المالي عن طريق تنمية الأصول الرأسمالية عن طريق القروض أفضل تمويليا من دخول ملاك جدد بأسهم جديدة، إذ إن نمو رأس المال عن طريق أسهم وملاك جدد يضعف نسبة التوزيعات النقدية التي يحصل عليها كل مساهم، وهذا بشكل مستدام، لكن الفوز بتمويل مصرفي قد يمنح المصرف حقوقا أولية على الأرباح، لكن بشكل مؤقت ثم تؤول الأرباح بعد سداد عقود التمويل إلى المساهمين، ما يدعم ويسهم في نمو الأرباح الموزعة. وهكذا، تبدو العلاقات صحيحة ومتوازنة بين قدرة السوق المالية على تشجيع رجال الأعمال لبناء وتأسيس شركات جديدة لاستدامة الاقتصاد وفتح فرص استثمارية، وبين منحها الثقة للمصارف من خلال قدراتها الرقابية على الشركات. وفي سوق كهذه، فإن حالة الاقتصاد ستكون أفضل، والنمو متوقع، ورغبة المستثمرين الأجانب في دخول السوق والاستثمار فيها أفضل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي